"""""" صفحة رقم ٣٧٠ """"""
اتحاد المتكلم ويجاب عنه بأن الكلام كله محكي عن واحد هو موسى والحاكي للجميع هو الله سبحانه والمعنى فأخرجنا بذلك الماء بسبب الحرث والمعالجة أزواجا أى ضروبا وأشباها من أصناف النبات المختلفة وقوله من نبات صفة لأزواجا أو بيان له وكذا شتى صفة أخرى له أى متفرقة جمع شتيت وقال الأخفش التقدير أزواجا شتى من نبات قال وقد يكون النبات شتى فيجوز أن يكون شتى نعتا لأزواجا ويجوز أن يكون نعتا للنبات يقال أمر شت أى متفرق وشت الأمر شتا وشتاتا تفرق واشتت مثله والشتيت المتفرق قال رؤبة جاءت معا وأطرقت شتيتا
طه :( ٥٤ ) كلوا وارعوا أنعامكم.....
وجملة ) كلوا وارعوا ( فى محل نصب على الحال بتقدير القول أى قائلين لهم ذلك والأمر للإباحة يقال رعت الماشية الكلأ ورعاها صاحبها رعاية أى أسامها وسرحها يجئ لازما ومتعديا والإشارة بقوله ) إن في ذلك لآيات لأولي النهى ( إلى ما تقدم ذكره فى هذه الآيات والنهي العقول جمع نهية وخص ذوي النهي لأنهم الذين ينتهي إلى رأيهم وقيل لأنهم ينهون النفس عن القبائح وهذا كله من موسى احتجاج على فرعون فى إثبات الصانع جوابا لقوله ) فمن ربكما يا موسى )
طه :( ٥٥ ) منها خلقناكم وفيها.....
والضمير فى ) منها خلقناكم ( وما بعده راجع إلى الأرض المذكورة سابقا قال الزجاج وغيره يعني أن آدم خلق من الأرض وأولاده منه وقيل المعنى أن كل نطفة مخلوقة من التراب فى ضمن خلق آدم لأن كل فرد من أفراد البشر له حظ من خلقه ) وفيها ( أى فى الأرض ) نعيدكم ( بعد الموت فتدفنون فيها وتتفرق أجزاؤكم حتى تصير من جنس الأرض وجاء بفى دون إلى للدلالة على الإستقرار ) ومنها ( أى من الأرض ) نخرجكم تارة أخرى ( أى بالبعث والنشور وتأليف الأجسام ورد الأرواح إليها على ما كانت عليه قبل الموت والتارة كالمرة
طه :( ٥٦ ) ولقد أريناه آياتنا.....
) ولقد أريناه آياتنا كلها ( أى أرينا فرعون وعرفناه آياتنا كلها والمراد بالآيات هى الآيات التسع المذكورة فى قوله ) ولقد آتينا موسى تسع آيات ( على أن الإضافة للعهد وقيل المراد جميع الآيات التى جاء بها موسى والتى جاء بها غيره من الأنبياء وأن موسى قد كان عرفه جميع معجزاته ومعجزات سائر الأنبياء والأول أولى وقيل المراد بالآيات حجج الله سبحانه الدالة على توحيده ) فكذب وأبى ( أى كذب فرعون موسى وأبى عليه أن يجيبه إلى الإيمان وهذا يدل على أن كفر فرعون كفر عناد لأنه رأى الآيات وكذب بها كما فى قوله ) وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )
طه :( ٥٧ ) قال أجئتنا لتخرجنا.....
وجملة ) قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى ( مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قال فرعون بعد هذا والهمزة للإنكار لما جاء به موسى من الآيات أى جئت يا موسى لتوهم الناس بأنك نبى يجب عليهم اتباعك والإيمان بما جئت به حتى تتوصل بذلك الإيهام الذى هو شعبة من السحر إلى أن تغلب على أرضنا وتخرجنا منها وإنما ذكر الملعون الإخراج من الأرض لتنفير قومه عن إجابة موسى فإنه إذا وقع فى أذهانهم وتقرر فى أفهامهم أن عاقبة إجابتهم لموسى الخروج من ديارهم وأوطانهم كانوا غير قابلين لكلامه ولا ناظرين فى معجزاته ولا ملتفتين إلى ما يدعو إليه من الخير
طه :( ٥٨ ) فلنأتينك بسحر مثله.....
) فلنأتينك بسحر مثله ( الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها واللام هى الموطئة للقسم أى والله لنغارضنك بمثل ما جئت به من السحر حتى يتبين للناس أن الذى جئت به سحر يقدر على مثله الساحر ) فاجعل بيننا وبينك موعدا ( هو مصدر أى وعدا وقيل اسم مكان أى اجعل لنا يوما معلوما أو مكانا معلوما لا نخلفه قال القشيري والأظهر أنه مصدر ولهذا قال ) لا نخلفه ( أى لا نخلف ذلك الوعد والإخلاف أن تعد شيئا ولا تنجزه قال الجوهري الميعاد المواعدة والوقت والموضع وكذلك الموعد وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة والأعرج ) لا نخلفه ( بالجزم على أنه جواب لقوله اجعل وقرأ الباقون بالرفع على أنه صفة لموعدا أى لا نخلف ذلك الوعد ) نحن ولا أنت ( وفوض تعيين الموعد إلى موسى إظهارا لكمال اقتداره


الصفحة التالية
Icon