"""""" صفحة رقم ١٣٨ """"""
هذه الهدية وسيأتي في آخر البحث بيان ما هو أقرب ما قيل إلى الصواب والصحة
النمل :( ٣٦ ) فلما جاء سليمان.....
) فلما جاء سليمان ( أى فلما جاء رسولها المرسل بالهدية سليمان والمراد بهذا المضمر الجنس فلا ينافى كونهم جماعة كما يدل عليه قولها ) بم يرجع المرسلون ( وقرأ عبد الله ؟ فلما جاءوا سليمان ؟ أي الرسل وجملة ) قال أتمدونن بمال ( مستأنفة جواب سؤال مقدر والاستفهام للإستنكار أى قال منكرا لإمدادهم له بالمال مع علو سلطانه وكثرة ماله وقرأ حمزة بإدغام نون الإعراب في نون الوقاية والباقون بنونين من غير إدغام وأما الياء فإن نافعا وأبا عمرو وحمزة يثبتونها وصلا ويحذفونها وقفا وابن كثير يثبتها في الحالين والباقون يحذفونها في الحالين وروى عن نافع أن يقرأ بنون واحدة ) فما آتاني الله خير مما آتاكم ( أى ما آتانى من النبوة والملك العظيم والأموال الكثيرة خير مما آتاكم من المال الذي هذه الهدية من جملته قرأ أبو عمرو ونافع وحفص آتاني الله بياء مفتوحة وقرأ يعقوب بإثباتها في الوقف وحذفها في الوصل وقرأ الباقون بغير ياء في الوصل والوقف ثم إنه أضرب عن الإنكار المتقدم فقال ) بل أنتم بهديتكم تفرحون ( توبيخا لهم بفرحهم بهذه الهدية فرح فخر وخيلاء وأما أنا فلا أفرح بها وليست الدنيا من حاجتي لأن الله سبحانه قد أعطاني منها ما لم يعطه أحدا من العالمين ومع ذلك أكرمنى بالنبوة والمراد بهذا الإضراب من سليمان بيان السبب الحامل لهم على الهدية مع الإزراء بهم والحط عليهم
النمل :( ٣٧ ) ارجع إليهم فلنأتينهم.....
) ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ( أى قال سليمان للرسول ارجع إليهم أى إلى بلقيس وقومها وخاطب المفرد هاهنا بعد خطابه للجماعة فيما قبل إما لأن الذي سيرجع هو الرسول فقط أو خص أمير الرسل بالخطاب هنا وخاطبهم معه فيما سبق افتنانا في الكلام وقرأ عبدالله بن عباس ارجعوا وقيل إن الضمير يرجع إلى الهدهد واللام في لنأتينهم جواب قسم محذوف قال النحاس وسمعت ابن كيسان يقول هي لام توكيد ولام أمر ولام خفض وهذا قول الحذاق من النحويين لأنهم يردون الشيء إلى أصله وهذا لا يتهيأ إلا لمن درب في العربية ومعنى لا قبل لهم لا طاقة لهم بها والجملة فى محل جر صفة لجنود ) ولنخرجنهم ( معطوف على جواب القسم أى لنخرجنهم من أرضهم التى هم فيها ) أذلة ( أى حال كونهم أذلة بعد ماكانوا أعزة وجملة ) وهم صاغرون ( فى محل نصب علي الحال قيل وهى حال مؤكدة لأن الصغار هو الذلة وقيل إن المراد بالصغار هنا الأسر والاستعباد وقيل إن الصغار الإهانة التى تسبب عنها الذلة
النمل :( ٣٨ ) قال يا أيها.....
ولما رجع الرسول إلى بلقيس تجهزت للمسير إلى سليمان وأخبر جبريل سليمان بذلك فقال سليمان ) يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها ( أى عرش بلقيس الذى تقدم وصفه بالعظم ) قبل أن يأتوني مسلمين ( أى قبل أن تأتينى هى وقومها مسلمين قيل إنما أراد سليمان أخذ عرشها قبل أن يصلوا إليه ويسلموا لأنها إذا أسلمت وأسلم قومها لم يحل أخذ أموالهم بغير رضاهم قال ابن عطية وظاهر الروايات أن هذه المقالة من سليمان هى بعد مجىء هديتها ورده إياها وبعثه الهدهد بالكتاب وعلى هذا جمهور المتأولين وقيل استدعاء العرش قبل وصولها ليريها القدرة التى هى من عند الله ويجعله دليلا على نبوته وقيل أراد أن يختبر عقلها ولهذا ) قال نكروا لها عرشها ( الخ وقيل أراد أن يختبر صدق الهدهد فى وصفه للعرش بالعظم والقول الأول هو الذى عليه الأكثر
النمل :( ٣٩ ) قال عفريت من.....
) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ( قرأ الجمهور بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء وسكون المثناة التحتية وبالتاء وقرأ أبو رجاء وعيسى الثقفى وابن السميفع وأبو السمال عفريه بفتح التحتية بعدها تاء تأنيث منقلبة هاء رويت هذه القراءة عن أبى بكر الصديق وقرأ أبو حيان بفتح العين والعفريت المارد الغليظ الشديد قال النحاس يقال للشديد إذا كان معه خبث ودهاء عفر وعفرية وقال قتادة هو الداهية وقيل هو رئيس الجن قال ابن عطية وقرأ فرقة عفر بكسر العين جمعه على عفار ومما ورد من أشعار العرب مطابقا لقراءة الجمهور ما أنشده الكسائى