"""""" صفحة رقم ١٥٥ """"""
الماوردي هذه النفخة المذكورة هنا يوم النشور من القبور ) ففزع من في السماوات ومن في الأرض ( أي خافوا وانزعجوا لشدة ما سمعوا وقيل المراد بالفزع هنا الإسراع والإجابة إلى النداء من قولهم فزعت إليك في كذا إذا أسرعت إلى إجابتك والأول أولى بمعنى الاية وإنما عبر بالماضي مع كونه معطوفا على مضارع للدلالة على تحقق الوقوع حسبما ذكره علماء البيان وقال الفراء هو محمول على المعنى لأن المعنى إذا نفخ ) إلا من شاء الله ( أي إلا من شاء الله أن لا يفزع عند تلك النفخة
واختلف في تعيين من وقع الاستثناء له فقيل هم الشهداء والأنبياء وقيل الملائكة وقيل جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وقيل الحور العين وقيل هم المؤمنون كافة بدليل قوله فيما بعد من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ امنون ويمكن أن يكون الاستثناء شاملا لجميع المذكورين فلا مانع من ذلك وكل أتوه داخرين قرأ الجمهور اتوه على صيغة اسم الفاعل مضافا إلى الضمير الراجع إلى الله سبحانه وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة وحفص عن عاصم أتوه فعلا ماضيا وكذا قرأ ابن مسعود وقرأ قتادة وكل أتاه قال الزجاج إن من قرأ على الفعل الماضي فقد وحد على لفظ كل ومن قرأ على اسم الفاعل فقد جمع على معناه وهو غلط ظاهر فإن كلا القراءتين لا توحيد فيها بل التوحيد في قراءة قتادة فقط ومعنى داخرين صاغرين ذليلين وهو منصوب على الحال قرأ الجمهور داخرين وقرأ الأعرج دخرين بغير ألف وقد مضى تفسير هذا في سورة النحل
النمل :( ٨٨ ) وترى الجبال تحسبها.....
) وترى الجبال تحسبها جامدة ( معطوف على ينفخ والخطاب لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم أو لكل من يصلح للرؤية و ) تحسبها جامدة ( في محل نصب على الحال من ضمير ترى أو من مفعوله لأن الرؤية بصرية وقيل هي بدل من الجملة الأولى وفيه ضعف وهذه هي العلامة الثالثة لقيام الساعة ومعنى تحسبها جامدة أي قائمة ساكنة وجملة وهي تمر مر السحاب في محل نصب على الحال أي وهي تسير سيرا حثيثا كسير السحاب التي تسيرها الرياح قال القتيبي وذلك أن الجبال تجمع وتسير وهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير قال القشيري وهذا يوم القيامة ومثله قوله تعالى ) وسيرت الجبال فكانت سرابا ( قرأ أهل الكوفة تحسبها بفتح السين وقرأ الباقون بكسرها ) صنع الله الذي أتقن كل شيء ( انتصاب صنع على المصدرية عند الخليل وسيبويه وغيرهما أي صنع الله ذلك صنعا وقيل هو مصدر مؤكد لقوله ) ويوم ينفخ في الصور ( وقيل منصوب على الإغراء أي انظروا صنع الله ومعنى الذي أتقن كل شيء الذي أحكمه يقال رجل تقن أي حاذق بالأشياء وجملة ) إنه خبير بما تفعلون ( تعليل لما قبلها من كونه سبحانه صنع ما صنع وأتقن كل شيء والخبير المطلع على الظواهر والضمائر قرأ الجمهور بالتاء الفوقية على الخطاب وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام بالتحتية على الخبر
النمل :( ٨٩ ) من جاء بالحسنة.....
) من جاء بالحسنة فله خير منها ( الألف واللام للجنس أي من جاء بجنس الحسنة فله من الجزاء والثواب عند الله خير منها أي أفضل منها وأكثر وقيل خير حاصل من جهتها والأول أولى وقيل المراد بالحسنة هنا لا إله إلا الله وقيل هي الإخلاص وقيل أداء الفرائض والتعميم أولى ولا وجه للتخصيص وإن قال به بعض السلف قيل وهذه الجملة بيان لقوله ) إنه خبير بما تفعلون ( وقيل بيان لقوله ) وكل أتوه داخرين ( قرأ عاصم وحمزة والكسائي ) وهم من فزع ( بالتنوين وفتح ميم ) يومئذ ( وقرأ نافع بفتحها من غير تنوين وقرأ الباقون بإضافة فزع إلى يومئذ قال أبو عبيد وهذا أعجب إلا لأنه أعم التأويلين لأن معناه الأمن من فزع جميع ذلك اليوم ومع التنوين يكون الأمن من فزع دون فزع وقيل إنه مصدر يتناول الكثير فلا يتم الترجيح بما ذكر فتكون القراءتان بمعنى واحد وقيل المراد بالفزع هاهنا هو الفزع الأكبر