"""""" صفحة رقم ٢٠٤ """"""
العنكبوت :( ٤١ ) مثل الذين اتخذوا.....
قوله ) مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء ( يوالونهم ويتكلون عليهم في حاجاتهم من دون الله سواء كانوا من الجماد أو الحيوان ومن الأحياء أو من الأموات ) كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ( فإن بيتها لا يغني عنها شيئا لا في حر ولا قر ولا مطر كذلك ما اتخذوه وليا من دون الله فإنه لا ينفعهم بوجه من وجوه النفع ولا يغني عنهم شيئا قال الفراء هو مثل ضربه الله لمن اتخذ من دونه الهة لا تنفعه ولا تضره كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حرا ولا بردا قال ولا يحسن الوقف على العنكبوت لأنه لما قصد بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شيء شبهت الآلهة التي لا تنفع ولا تضر به وقد جوز الوقف على العنكبوت الأخفش وغلطه ابن الأنباري قال لأن اتخذت صلة للعنكبوت كأنه قال كمثل العنكبوت التي اتخذت بيتا فلا يحسن الوقف على الصلة دون الموصول والعنكبوت تقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث وتجمع على عناكب وعنكبوتات وهي الدويبة الصغيرة التي تنسج نسجا رقيقا وقد يقال لها عكنبات ومنه قول الشاعر كأنما يسقط من لغامها
بيت عكنبات على زمامها
) وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ( لا بيت أضعف منه مما يتخذه الهوام بيتا ولا يدانيه في الوهى والوهن شيء من ذلك ) لو كانوا يعلمون ( أن اتخاذهم الأولياء من دون الله كاتخاذ العنكبوت بيتا أو لو كانوا يعلمون شيئا من العلم لعلموا بهذا
العنكبوت :( ٤٢ ) إن الله يعلم.....
) إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء ( ما استفهامية أو نافية أو موصولة ومن للتبعيض أو مزيدة للتوكيد وقيل إن هذه الجملة على إضمار القول أي قل للكافرين إن الله يعلم أي شيء يدعون من دونه وحرم أبو على الفارسي بأنها استفهامية وعلى تقدير النفي كأنه قيل إن الله يعلم أنكم لا تدعون من دونه من شيء يعني ما تدعونه ليس بشيء وعلى تقدير الموصولة إن الله يعلم الذين تدعونهم من دونه ويجوز أن تكون ما مصدرية ومن شيء عبارة عن المصدر قرأ عاصم وأبو عمرو ويعقوب يدعون بالتحتية واختار هذه القراءة أبو عبيد لذكر الأمم قبل هذه الاية وقرأ الباقون بالفوقية على الخطاب ) وهو العزيز الحكيم ( الغالب المصدر أفعاله على غاية الإحكام والإتقان
العنكبوت :( ٤٣ ) وتلك الأمثال نضربها.....
) وتلك الأمثال نضربها للناس ( أي هذا المثل وغيره من الأمثال التي في القرآن نضربها للناس نبها لهم وتقريبا لما بعد من أفهامهم ) وما يعقلها ( أي يفهمها ويتعقل الأمر الذي ضربناها لأجله ) إلا العالمون ( بالله الراسخون في العلم المتدبرون المتفكرون لما يتلى عليهم وما يشاهدونه
العنكبوت :( ٤٤ ) خلق الله السماوات.....
) خلق الله السماوات والأرض بالحق ( أي بالعدل والقسط مراعيا في خلقها مصالح عباده وقيل المراد بالحق كلامه وقدرته ومحل بالحق النصب على الحال ) إن في ذلك لآية للمؤمنين ( أي لدلالة عظيمة وعلامة ظاهرة على قدرته وتفرده بالإلهية وخص المؤمنين لأنهم الذين ينتفعون بذلك
العنكبوت :( ٤٥ ) اتل ما أوحي.....
) اتل ما أوحي إليك من الكتاب ( أي القران وفيه الأمر بالتلاوة للقران والمحافظة على قراءته مع التدبر لاياته والتفكر في معانيه ) وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ( أي دم على إقامتها واستمر على أدائها كما أمرت بذلك وجملة ) إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ( تعليل لما قبلها والفحشاء ما قبح من العمل والمنكر مالا يعرف في الشريعة أي تمنعه عن معاصي الله وتبعده منها ومعنى نهيها عن ذلك أن فعلها يكون سببا للانتهاء والمراد هنا الصلوات المفروضة ) ولذكر الله أكبر ( أي أكبر من كل شيء أي أفضل من العبادات كلها بغير ذكر قال ابن عطية وعندي أن المعنى ولذكر الله أكبر على الإطلاق أي هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر فالجزء الذي منه في الصلاة يفعل ذلك وكذلك يفعل ما لم يكن منه في الصلاة لأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكر لله مراقب له وقيل ذكر الله أكبر من الصلاة في النهى عن الفحشاء والمنكر مع المداومة عليه قال الفراء وابن قتيبة المراد بالذكر في الاية التسبيح والتهليل يقول هو


الصفحة التالية
Icon