"""""" صفحة رقم ٢٤٩ """"""
صعوبته وشدة أهواله على الكفار كخمسين ألف سنة والعرب تصف كثيرا يوم المكروه بالطول كما تصف يوم السرور بالقصر كما قال الشاعر ويوم كظل الرمح قصر طوله
دم الزق عنا واصطفاف المزاهر
وقول الآخر ويوم كإبهام القطاة قطعته
وقيل إن يوم القيامة فيه أيام فمنها مامقداره ألف سنة ومنها مامقداره خمسون سنة وقيل هى أوقات مختلفة يعذب الكافر بنوع من أنواع العذاب ألف سنة ثم ينقل إلى نوع آخر فيعذب به خمسين ألف سنة وقيل مواقف القيامة خمسون موقفا كل موقف ألف سنة فيكون معنى ) يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة ( أنه يعرج إليه فى وقت من تلك الأوقات أو موقف من تلك المواقف وحكى الثعلبى عن مجاهد وقتادة والضحاك أنه أراد سبحانه فى قوله ) تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ( المسافة من الأرض إلي سدرة المنتهى التى هى مقام جبريل والمراد أنه يسير جبريل ومن معه من الملائكة فى ذلك المقام إلى الأرض مسيرة خمسين ألف سنة فى مقدار يوم واحد من أيام الدنيا وأراد بقوله ) في يوم كان مقداره ألف سنة ( المسافة التى بين الأرض وبين سماء الدنيا هبوطا وصعودا فإنها مقدار ألف سنة من أيام الدنيا وقيل إن ذلك إشارة إلى امتداد نفاذ الأمر وذلك لأن من نفذ أمره غاية النفاذ فى يوم أو يومين وانقطع لايكون مثل من ينفذ أمره فى سنين متطاولة فقوله ) في يوم كان مقداره ألف سنة ( يعنى يدبر الأمر فى زمان يوم منه ألف سنة فكم يكون الشهر منه وكم تكون السنة منه وعلى هذا فلا فرق بين ألف سنة وبين خمسين ألف سنة وقيل غير ذلك وقد وقف حبر الأمة ابن عباس لما سئل عن الآيتين كما سيأتى فى آخر البحث إن شاء الله قرأ الجمهور ) مما تعدون ( بالفوقية على الخطاب وقرأ الحسن والسلمى وابن وثاب والأعمش بالتحتية على الغيبة
السجدة :( ٦ ) ذلك عالم الغيب.....
والإشارة بقوله ) ذلك ( إلى الله سبحانه باعتبار اتصافه بتلك الأوصاف وهو مبتدأ وخبره ) عالم الغيب والشهادة ( أى العالم بما غاب عن الخلق وما حضرهم وفى هذا معنى التهديد لأنه سبحانه إذا علم بما يغيب وما يحضر فهو مجاز لكل عامل بعمله أو فهو يدبر الأمر بما تقتضيه حكمته ) العزيز ( القاهر الغالب ) الرحيم ( بعباده وهذه أخبار لذلك المبتدأ
السجدة :( ٧ ) الذي أحسن كل.....
وكذلك قوله ) الذي أحسن كل شيء خلقه ( هو خبر آخر قرأ الجمهور خلقه بفتح اللام وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بإسكانها فعلى القراءة الأولى هو فعل ماض نعتا لشىء فهو في محل جر وقد اختاره قراءة الجمهور أبو عبيد وأبو حاتم ويجوز أن تكون صفة للمضاف فيكون فى محل نصب وأما علي القراءة الثانية ففى نصبه أوجه الأول أن يكون بدلا من كل شىء بدل اشتمال والضمير عائد إلى كل شىء وهذا هو الوجه المشهور عند النحاة الثانى أنه بدل كل من كل والضمير راجع إلى الله سبحانه ومعنى أحسن حسن لأنه مامن شىء إلا وهو مخلوق على ماتقتضيه الحكمة فكل المخلوقات حسنة الثالث أن يكون كل شىء هو المفعول الأول وخلقه هو المفعول الثانى علي تضمين أحسن معنى أعطى والمعنى أعطى كل شىء خلقه الذى خصه به وقيل على تضمينه معنى ألهم قال الفراء ألهم خلقه كل شىء مما يحتاجون إليه الرابع أنه منصوب علي المصدر المؤكد لمضمون الجملة أى خلقه خلقا كقوله صنع الله وهذا قول سيبويه والضمير يعود إلى الله سبحانه والخامس أنه منصوب بنزع الخافض والمعنى أحسن كل شىء فى خلقه ومعنى الآية أنه أتقن وأحكم خلق مخلوقاته فبعض المخلوقات وإن لم تكن حسنة فى نفسها فهى متقنة محكمة فتكون هذه الآية معناها معنى ) أعطى كل شيء خلقه ( أى يخلق الإنسان على خلق البهيمة وخلق لا البهيمة على خلق الإنسان وقيل هو عموم فى اللفظ خصوص فى المعنى أى أحسن خلق كل شىء حسن ) وبدأ خلق الإنسان من طين (