"""""" صفحة رقم ٢٥٣ """"""
واختلف في النسيان المذكور هنا فقيل هو النسيان الحقيقى وهو الذى يزول عنده الذكر وقيل هو الترك والمعنى على الأول أنهم لم يعلموا لذلك اليوم فكانوا كالناسين له الذين لايذكرونه وعلى الثانى لابد من تقدير مضاف قبل لقاد أى ذوقوا بسبب ترككم لما أمرتكم به عذاب لقاء يومكم هذا ورجح الثانى المبرد وأنشد كأنه خارج من جنب صفحته
سفود شرب نسوه عند مفتأد
أى تركوه وكذا قال الضحاك ويحيى بن سلام إن النسيان هنا بمعنى الترك قال يحيى بن سلام والمعنى بما تركتم الإيمان بالبعث فى هذا اليوم تركناكم من الخير وكذا قال السدى وقال مجاهد تركناكم فى العذاب وقال مقاتل إذا دخلوا النار قالت لهم الخزنة ذوقوا العذاب بما نسيتم واستعار الذوق للإحساس ومنه قول طفيل فذقوا كما فوذقوا غداة محجة
من الغيظ فى أكبادنا والتحوب
وقوله ) وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ( تكرير لقصد التأكيد أى ذوقوا العذاب الدائم الذى لاينقطع أبدا بما كنتم تعملونه فى الدنيا من الكفر والمعاصى قال الرازى فى تفسيره إن اسم الإشارة فى قوله ) بما نسيتم لقاء يومكم هذا ( يحتمل ثلاثة أوجه أن يكون إشارة إلي اللقاء وأن يكون إشارة إلى اليوم وأن يكون إشارة إلى العذاب
السجدة :( ١٥ ) إنما يؤمن بآياتنا.....
وجملة ) إنما يؤمن بآياتنا ( مستأنفة لبيان مايستحق الهداية إلى الإيمان ومن لايستحقها والمعنى إنما يصدق بأياتنا وينتفع بها ) الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا ( لاغيرهم ممن يذكر بها أى يوعظ بها ولايتذكر ولايؤمن بها ومعنى خروا سجدا سقطوا علي وجوههم ساجدين تعظيما لآيات الله وخوفا من سطوته وعذابه ) وسبحوا بحمد ربهم ( أى نزهوه عن كل مالا يليق به ملتبسين بحمده علي نعمه التى أجلها وأكملها الهداية إلى الإيمان والمعنى قالوا في سجودهم سبحان الله وبحمده أو سبحان ربى الأعلى وبحمده وقال سفيان المعنى صلوا حمدا لربهم وجملة ) وهم لا يستكبرون ( فى محل نصب على الحال أى حال كونهم خاضعين لله متذللين له غير مستكبرين عليه
السجدة :( ١٦ ) تتجافى جنوبهم عن.....
) تتجافى جنوبهم عن المضاجع ( أى ترتفع وتنبو يقال جفى الشىء عن الشيء وتجافى عنه إذا لم يلزمه وبنا عنه والمضاجع جمع المضجع وهو الموضع الذى يضطجع فيه قال الزجاج والرمانى النجافى والتجافى إلى جهة فوق وكذلك هو فى الصفح عن المخطىء فى سب ونحوه والجنوب جمع جنب والجملة فى محل نصب علي الحال أى متجافية جنوبهم عن مضاجعهم وهم المتهجدون فى الليل الذين يقومون للصلاة عن الفراش وبه قال الحسن ومجاهد وعطاء والجمهور والمراد بالصلاة صلاة التنفل بالليل من غير تقييد وقال قتادة وعكرمة هو التنقل مابين المغرب والعشاء وقيل صلاة العشاء فقط وهو رواية عن الحسن وعطاء وقال الضحاك صلاة العشاء والصبح فى جماعة وقيل هم الذين يقومون لذكر الله سواء كان فى صلاة أو غيرها ) يدعون ربهم خوفا وطمعا ( هذه الجملة فى محل نصب علي الحال أيضا من الضمير الذى فى جنوبهم فهى حال بعد حال ويجوز أن تكون الجملة الأولى مستأنفة لبيان نوع من أنواع طاعاتهم والمعنى تتجافى جنوبهم حال كونهم داعين ربهم خوفا من عذابه وطمعا فى رحمته ) ومما رزقناهم ينفقون ( أى من الذى رزقناهم أو من رزقهم وذلك الصدقة الواجبة وقيل صدقة النفل والأولى الحمل علي العموم وانتصاب خوفا وطمعا على العلة ويجوز أن يكونا مصدرين منتصبين بمقدر
السجدة :( ١٧ ) فلا تعلم نفس.....
) فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ( النكرة فى سياق النفى تفيد العموم أى لاتعلم نفس من النفوس أى نفس كانت ما أخفاه لله سبحانه لأولئك الذين تقدم ذكرهم مما تقر به أعينهم قرأ الجمهور قرة بالإفراد وقرأ ابن مسعود وأوبو هريرة وأبو الدرداء من قرات بالجمع وقرأ حمزة ما أخفى بسكون الياء على أنه فعل مضارع مسند إلى الله سبحانه وقرأ الباقون بفتحها فعلا ماضيا مبنيا للمفعول وقرأ ابن مسعود


الصفحة التالية
Icon