"""""" صفحة رقم ٢٩٧ """"""
الأحزاب :( ٥٣ ) يا أيها الذين.....
قوله ) يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ( هذا نهى عام لكل مؤمن أن يدخل بيوت رسول الله ( ﷺ ) إلا بإذن منه وسبب النزول ما وقع من بعض الصحابة وليمة زينب وسيأتى بيان ذلك اخر البحث إن شاء الله وقوله ) إلا أن يؤذن لكم ( استثناء مفرغ من أعم الأحوال أى لاتدخلوها فى حال من الأحوال إلا فى حال كونكم مأذونا لكم وهو في موضع نصب علي الحال أى إلا مصحوبين بالإذن أو بنزع الخافض أى إلا يؤذن لكم أو منصوب على الظرفية أى إلا وقت أن يوذن لكم وقوله ) إلى طعام ( متعلق بيؤذن على تضمينه معنى الدعاء أى إلا أن يؤذن لكم مدعوين إلى طعام وانتصاب ) غير ناظرين إناه ( على الحال والعامل فيه يؤذن أومقدر أى ادخلوا غير ناظرين ومعنى ناظرين منتظرين وإناه نضجه وإدراكه يقال أنى يأنى أنى إذا حان وأدرك قرأ الجمهور غير ناظرين بالنصب وقرأ ابن أبى عبلة غير بالجر صفة لطعام وضعف النحاة هذه القراءة لعدم بروز الضمير لكونه جاريا على غير من هو له فكان حقه أن يقال غير ناظرين إناه أنتم ثم بين لهم سبحانه ماينبغى فى ذلك فقال ) ولكن إذا دعيتم فادخلوا ( وفيه تأكيد للمنع وبيان الوقت الذي يكون فيه الدخول وهو عند الإذن قال ابن العربى وتقدير الكلام ولكن إذا دعيتم وأذن لكم فادخلوا وإلا فنفس الدعوة لاتكون إذنا كافيا فى الدخول وقيل إن فيه دلالة بينة على أن المراد بالإذن إلى الطعام هو الدعوة إليه ) فإذا طعمتم فانتشروا ( أمرهم سبحانه بالانتشار بعد الطعام وهو التفرق والمراد الإلزام بالخروج من المنزل الذى وقعت الدعوة إليه عند انقضاء المقصود من الأكل ) ولا مستأنسين لحديث ( عطف علي قوله غير ناظرين أو على مقدر أى ولا تدخلوا ولا تمكثوا مستأنسين والمعنى النهى لهم عن أن يجلسوا بعد الطعام يتحدثون مستأنسين بالحديث قال الرازى فى قوله ) إلا أن يؤذن لكم إلى طعام ( إما أن يكون فيه تقديم وتأخير تقديره ولاتدخلوا إلى طعام إلا أن يؤذن لكم فلا يكون منعا من الدخول فى غير وقت الطعام بغير إذن وإما أن لايكون فيه تقديم وتأخير فيكون معناه ولاتدخلوا إلا أن يؤذن لكم إلي طعام فيكون الإذن مشروطا بكونه إلي طعام فإن لم يؤذن إلى طعام فلا يجوز الدخول فلو أذن لواحد فى الدخول لاستماع كلام لا لأكل طعام فلا يجوز فنقول المراد هو الثانى ليعم النهى عن الدخول وأما كونه لايجوز إلا بإذن إلى طعام فلما هو مذكور فى سبب النزول أن الخطاب مع قوم كانوا يتحينون حين الطعام ويدخلون من غير إذن فمنعوا من الدخول فى وقتهم بغير إذن وقال ابن عادل الأولى أن يقال المراد هو الثانى لأن التقديم والتأخير خلاف الأصل وقوله ) إلى طعام ( من باب التخصيص بالذكر فلا يدل علي نفى ما عداه لاسيما إذا علم مثله فإن من جاز دخول بيته بإذنه إلى طعامه جاز دخوله بإذنه إلي غير الطعام انتهى والأولى فى التعبير عن هذا المعنى الذى أراده أن يقال قد دلت الأدلة على جواز دخول بيوته ( ﷺ ) بإذنه لغير الطعام وذلك معلوم لاشك فيه فقد كان الصحابة وغيرهم يستأذنون عليه لغير الطعام فيأذن لهم وذلك يوجب قصر هذه الآية على السبب الذى نزلت فيه وهو القوم الذين كانوا يتحينون طعام النبى ( ﷺ ) فيدخلون


الصفحة التالية
Icon