"""""" صفحة رقم ٢٩٨ """"""
ويقعدون منتظرين لإدراكه وأمثالهم فلا تدل على المنع من الدخول من الإذن لغير ذلك وإلا لما جاز لأحد أن يدخل بيوته بإذنه لغير الطعام واللازم باطل فالملزوم مثله قال ابن عطية وكانت سيرة القوم إذا كان لهم طعام وليمة أو نحوه أن يبكر من شاء إلى الدعوة ينتظرون طبخ الطعام ونضجه وكذلك إذا فرغوا منه جلسوا كذلك فنهى الله المؤمنين عن ذلك فى بيت النبى ( ﷺ ) ودخل فى النهى سائر المؤمنين والتزم الناس أدب الله لهم فى ذلك فمنعهم من الدخول إلا بإذن عند الأكل لا قبله لانتظار نضج الطعام والإشارة بقوله ) إن ذلكم ( إلى الانتظار والاستئناس للحديث وأشير إليها بما يشار به إلى الواحد بتأويلهما بالمذكور كما فى قوله عوان بين ذلك أى إن ذلك المذكور من الأمرين ) كان يؤذي النبي ( لأنهم كانوا يضيقون المنزل عليه وعلى أهله ويتحدثون بما لايريده قال الزجاج كان النبى ( ﷺ ) يحتمل إطالتهم كرما منه فيصبر على الأذى فى ذلك فعلم الله من يحضره الأدب صار أدبا لهم ولمن بعدهم ) فيستحيي منكم ( أى يستحى أن يقول لكم قوموا أو اخرجوا ) والله لا يستحيي من الحق ( أى لايترك أن يبين لكم ماهو الحق ولا يمتنع من بيانه وإظهاره والتعبير عنه بعدم الاستحياء للمشاكلة قرأ الجمهور يستحيى بياءين وروى عن ابن كثير أنه قرأ بياء واحدة وهى لغة تميم يقولون استحى يستحى مثل استقى يستقى ثم ذكر سبحانه أدبا آخر متعلقا بنساء النبى ( ﷺ ) فقال ) وإذا سألتموهن متاعا ( أى شيئا يتمتع به من الماعون وغيره ) فاسألوهن من وراء حجاب ( أى من وراء ستر بينكم وبينهن والمتاع يطلق علي كل مايتمتع به فلا وجه لما قيل من أن المراد به العارية أو الفتوى أو المصحف والإشارة بقوله ) ذلكم ( إلى سؤال المتاع من وراء حجاب وقيل الإشارة إلى جميع ما ذكر من عدم الدخول بغير إذن وعدم الاستئناس للحديث عند الدخول وسؤال المتاع والأول أولى واسم الإشارة مبتدأ وخبره ) أطهر لقلوبكم وقلوبهن ( أى أكثر تطهيرا لها من الريبة وخواطر السوء التى تعرض للرجال فى أمر النساء وللنساء فى أمر الرجال وفى هذا أدب لكل مؤمن وتحذير له من أن يثق بنفسه فى الخلوة مع لاتحل له والمكالمة من دون حجاب لمن تحرم عليه ) وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ( أى ماصح لكم ولا استقام أن تؤذوه بشىء من الأشياء كائنا ما كان ومن جملة ذلك دخول بيوته بغير إذن منه واللبث فيها على غير الوجه الذى يريده وتكليم نسائه من دون حجاب ) ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ( أى ولا كان لكم ذلك بعد وفاته لأنهن أمهات المؤمنين ولايحل للأولاد نكاح الأمهات والإشارة بقوله ) إن ذلكم ( إلي نكاح أزواجه من بعده ) كان عند الله عظيما ( أى ذنبا عظيما وخطبا هائلا شديدا وكان سبب نزول الآية أنه قال قائل لو قد مات محمد لتزوجنا نساءه وسيأتى بيان ذلك
الأحزاب :( ٥٤ ) إن تبدوا شيئا.....
) إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما ( يعلم كل شىء من الأشياء ومن جملة ذلك ماتظهرونه فى شأن أزواج رسوله وما تكتمونه فى صدوركم وفى هذا وعيد شديد لأن إحاطته بالمعلومات تستلزم المجازاة علي خيرها وشرها
الأحزاب :( ٥٥ ) لا جناح عليهن.....
ثم بين سبحانه من لايلزم الحجاب منه فقال ) لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ( فهؤلاء لايجب على نساء رسول الله ( ﷺ ) ولا غيرهن من النساء الاحتجاب منهم ولم يذكر العم والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين وقال الزجاج العم والخال ربما يصفان المرأة لوالديهما فإن المرأة تحل لابن العم وابن الخال فكره لهما الرؤية وهذا ضعيف جدا فإن تجويز وصف المرأة لمن تحل له ممكن من غيرهما ممن يجوز له النظر إليها لاسيما أبناء الإخوة وأبناء الأخوات واللازم باطل فالملزوم مثله وهكذا يستلزم أن لايجوز للنساء الأجنبيات أن ينظرن إليها لأنهن يصنفها واللازم باطل فالملزوم مثله وهكذا لاوجه لما قاله الشعبى وعكرمة


الصفحة التالية
Icon