"""""" صفحة رقم ٣٠١ """"""
فكيف يجمع بين هذين المعنيين المختلفين فى لفظ يصلون ويقال على القول الأول أنه أريد بيصلون معنى مجازى يعم المعيين وذلك بأن يراد بقوله يصلون يهتمون بإظهار شرفه أو يعظمون شأنه أو يعتنون بأمره وحكى البخارى عن أبى العالية أن صلاة الله سبحانه ثناؤه عليه عند ملائكته وصلاة الملائكة الدعاء وروى الترمذى فى سننه عن سفيان الثورى وغير واحد من أهل العلم أنهم قالوا صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار وحكى الواحدى عن مقاتل أنه قال أما صلاة الرب فالمغفرة وأما صلاة الملائكة فالاستغفار وقال عطاء بن أبى رباح صلاته تبارك وتعالى سبوح قدوس سبقت رحمتى غضبى والمقصود من هذه الآية أن سبحانه أخير عباده بمنزلة نبيه عنده فى الملأ الأعلى بأنه يثنى عليه عند ملائكته تصلى عليه وأمر عباده بأن يقتدوا بذلك ويصلوا عليه
وقد اختلف أهل العلم فى الصلاة على النبى ( ﷺ ) هل هى واجبة أم مستحبة بعد اتفاقهم على أن الصلاة عليه فرض فى العمر مرة وقد حكى هذا الإجماع القرطبى فى تفسيره فقال قوم من أهل العلم إنها واجبة عند ذكره وقال قوم تجب فى كل مجلس مرة وقد وردت أحاديث مصرحة بذم من سمع ذكر النبى ( ﷺ ) فلم يصل عليه
واختلف العلماء فى الصلاة علي النبى ( ﷺ ) فى تشهد الصلاة المفترضة هل هى واجبة أم لا فذهب الجمهور إلى أنها فيها سنة مؤكدة غير واجبة قال ابن المنذر يستحب أن لايصلى أحد صلاة إلا صلى فيها علي رسول الله ( ﷺ ) فإن ترك ذلك فصلاته مجزئة فى مذهب مالك وأهل المدينة وسفيان الثورى وأهل الكوفة من أصحاب الرأى وغيرهم وهو قول جمهور أهل العلم قال وشذ الشافعى فأوجب على تاركها الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان وهذا القول عن الشافعى لم يروه عنه إلا حرملة بن يحيى ولا يوجد عن الشافعى إلا من روايته قال الطحاوى لم يقل به أحد من أهل العلم غير الشافعى وقال الخطابى وهو من الشافعيه إنها ليست بواجبة فى الصلاة قال وهو قول جماعة الفقهاء إلا الشافعى ولا أعلم له فى ذلك قدوة انتهى وقد قال يقول الشافعى جماعة من أهل العلم منهم الشعبى والباقر ومقاتل بن حيان وإليه ذهب أحمد بن حنبل أخيرا كما حكاه أبو زرعة الدمشقى وبه قال ابن راهويه وابن المواز من المالكية
وقد جمعت فى هذه المسألة رسالة مستقلة ذكرت فيها ما احتج به الموجبون لها وما أجاب به الجمهور وأشف مايستدل به على الوجوب الحديث الثابت بلفظ إن الله أمرنا أن نصلى عليك فكيف نصلى عليك فى صلاتنا فقال قولوا الحديث فإن هذا الأمر يصلح للاستدلال به على الوجوب وأما على بطلان الصلاة بالترك ووجوب الإعادة لها فلا لأن الواجبات لايستلزل عدمها العدم كما يستلزل ذلك الشروط والإركان
وأعلم أنه قد ورد فى فضل الصلاة على رسول الله ( ﷺ ) أحاديث كثيرة لو جمعت لجاءت فى منصف مستقل ولو لم يكن منها إلا الأحاديث الثابتة فى الصحيح من قوله ( ﷺ ) من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا فناهيك بهذه الفضيلة الجليلة والمكرمة النبيلة وأما صفة الصلاة عليه ( ﷺ ) فقد وردت فيها صفات كثيرة بأحاديث ثابتة فى الصحيحين وغيرهما منها ماهو مقيد بصفة الصلاة عليه فى الصلاة ومنها ماهو مطلق وهى معروفة فى كتب الحديث فلا نطيل بذكرها والذى يحصل به الامتثال لمطلق الأمر فى هذه الآية هو أن يقول القائل اللهم صلى وسلم على رسولك أو على محمد أو على النبى


الصفحة التالية
Icon