"""""" صفحة رقم ٣٠٢ """"""
أو اللهم صلى على محمد وسلم ومن أراد أن يصلى عليه ويسلم بصفة من الصفات التى ورد التعليم بها والإرشاد إليها فذلك أكملا وهي صفات كثيرة قد اشتملت عليها كتب السنة المطهرة وسيأتى بعضها آخر البحث وسيأتى الكلام فى الصلاة على الآل وكان ظاهر هذا الأمر بالصلاة والتسليم فى الآية أن يقول القائل صليت عليه وسلمت عليه أو الصلاة عليه والسلام عليه أو عليه الصلاة والتسليم لأن الله سبحانه أمرنا بإيقاع الصلاة عليه والستليم منا فالامتثال هو أن يكون ذلك على ماذكرنا فكيف كان الامتثال لأمر الله لنا بذلك أن نقول اللهم صلى عليه وسلم بمقابلة أمر الله لنا بأمرنا له بأن يصلى عليه ويسلم عليه وقد أجيب عن هذا بأن الصلاة والتسليم لما كانتا شعارا عظيما للنبى ( ﷺ ) وتشريفا كريما وكلنا ذلك إلى الله عز وجل وأرجعناه إليه وهذا الجواب ضعيف جدا وأحسن ما يجاب به أن يقال إن الصلاة والتسليم المأمور بهما فى الآية هما أن نقول اللهم صلى عليه وسلم أو نحو ذلك مما يؤدى معناه كما بينه رسول الله ( ﷺ ) لنا فاقتضى ذلك البيان فى الأحاديث الكثيرة أن هذه هى الصلاة الشرعية
واعلم أن هذه الصلاة من الله على رسوله وإن كان معناها الرحمة فقد صارت شعارا له يختص به دون غيره فلايجوز لنا أن نصلى على غيره من أمته كما يجوز لنا أن نقول اللهم ارحم فلانا أبو رحم الله فلانا وبهذا قال جمهور العلماء مع اختلافهم هل هو محرم أو مكروه كراهة شديدة أو مكروه كراهة تنزيه على ثلاثة أقوال وقد قال ابن عباس كما رواه عنه ابن شيبة والبيهقى فى الشعب لاتصلح الصلاة على أحد إلا على النبى ( ﷺ ) ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار وقال قوم إن ذلك جائز لقوله تعالى ) وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ( ولقوله أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ولقوله هو الذى يصلى عليكم وملائكته ولحديث عبد الله بن أبى أوفى الثابت فى الصحيحين وغيرهما قال كان رسول الله ( ﷺ ) إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل عليهم فأتاه أبى بصدقته فقال اللهم صلى على آل أبى أوفى ويجاب عن هذا بأن هذا الشعار الثابت لرسول الله ( ﷺ ) له أن يخص به من شاء وليس لنا أن نطلقه على غيره وأما قوله تعالى ) هو الذي يصلي عليكم وملائكته ( وقوله أولئك عليهم صلوات من ربهم فهذا ليس فيه إلا أن الله سبحانه يصلى على طوائف من عباده كما يصلى على من صلى على رسوله مرة واحدة عشر صلوات وليس فى ذلك أمر لنا ولاشرعه الله فى حقنا بل لم يشرع لنا إلا الصلاة والتسليم على رسوله وكما أن لفظ الصلاة على رسول الله شعار له فكذا لفظ السلام عليه وقد جرت عادة جمهور هذه الأمة والسواد الأعظم من سلفها وخلفها على الترضى عن الصحابة والترحم على من بعدهم والدعاء لهم بمغفرة الله وعفوه كما أرشدنا إلى ذلك بقوله سبحانه ) والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا )
الأحزاب :( ٥٧ ) إن الذين يؤذون.....
ثم لما ذكر سبحانه مايجب لرسوله من التعظيم ذكر الوعيد الشديد للذين يؤذونه فقال ) إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ( قيل المراد بالأذى هنا هو فعل ما يكرهانه من المعاصى لاستحالة التأذى منه سبحانه قال الواحدى قال المفسرون هم المشركون واليهود والنصارى وصفوا الله بالولد فقالوا عزيز ابن الله والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله وكذبوا رسول الله وشجوا وجهه وكسروا رباعيته وقالوا مجنون شاعر كذاب ساحر قال القرطبى وبهذا قال جمهور العلماء وقال عكرمة الأذية لله سبحانه بالتصوير والتعرض لفعل مالا يفعله إلا الله بنحت الصور وغيرها وقال جماعة إن الآية على حذف مضاف والتقدير إن الذين يؤذون أولياء الله وأما أذية رسوله فهى كل مايؤذيه من الأقوال والأفعال


الصفحة التالية
Icon