"""""" صفحة رقم ٣١٣ """"""
وصدوا الناس عنها ومعنى معاجزين مسابقين أنهم يفوتوننا ولا يدركون وذلك باعتقادهم أنهم لا يبعثون يقال عاجزة وأعجزه إذا غالبه وسبقه قرأ الجمهور معاجزين وقرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد ومجاهد وأبو عمرو معجزين أى مثبطين للناس عن الإيمان بالآيات أولئك أى الذين سعوا ) لهم عذاب من رجز ( الرجز هو العذاب فمن للبيان وقبل الرجز هو أسوأ العذاب وأشده والأول أولى ومن ذلك قوله ) فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء ( قرأ الجمهور أليم بالجر صفة لرجز وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم بالرفع صفة لعذاب والأليم الشديد الألم
سبأ :( ٦ ) ويرى الذين أوتوا.....
) ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ( لما ذكر الذين سعوا في إبطال آيات الله ذكر الذين يؤمنون بها ومعنى ) ويرى الذين أوتوا العلم ( أى يعلمون وهم الصحابة وقال مقاتل هم مؤمنو أهل الكتاب وقيل جميع المسلمين والموصول هو المفعول الأول ليرى والمفعول الثانى الحق والضمير هو ضمير الفصل وبالنصب قرأ الجمهور وقرأ ابن أبى عبلة بالرفع على أنه خبر الضمير والجملة في محل نصب على أنها المفعول الثانى وهي لغة تميم فإنهم يرفعون ما بعد ضمير الفصل وزعم الفراء أن الاختيار الرفع وخالفه غيره وقالوا النصب أكثر قيل وقوله يرى معطوف على ليجزى وبه قال الزجاج والفراء واعترض عليهما بأن قوله ليجزى متعلق بقوله لتأتينكم ولا يقال لتأتينكم الساعة ليرى الذين أوتوا العلم أن القرآن حق والأولى أنه كلام مستأنف لدفع ما يقوله الذين سعوا في الآيات أى إن ذلك السعى منهم يدل على جهلهم لأنهم مخالفون لما يعلمه أهل العلم فى شأن القرآن ويهدى إلى صراط مستقيم معطوف على الحق عطف فعل على اسم لأنه في تأويله كما في قوله ) صافات ويقبضن ( أى وقابضات كأنه قيل وهاديا وقيل إنه مستأنف وفاعله ضمير يرجع إلى فاعل أنزل وهو القرآن والصراط الطريق أى ويهدى إلى طريق العزيز في ملكه الحميد عند خلقه والمراد أنه يهدى إلى دين الله وهو التوحيد
سبأ :( ٧ ) وقال الذين كفروا.....
ثم ذكر سبحانه نوعا آخر من كلام منكرى البعث فقال ) وقال الذين كفروا ( أى قال بعض لبعض ) هل ندلكم على رجل ( يعنون محمدا ( ﷺ ) أى هل نرشدكم إلى رجل ينبئكم أى يخبركم بأمر عجيب ونبأ غريب هو أنكم ) إذا مزقتم كل ممزق ( أى فرقتم كل تفريق وقطعتم كل تقطيع وصرتم بعد موتكم رفاتا وترابا ) إنكم لفي خلق جديد ( أى تخلقون خلقا جديدا وتبعثون من قبوركم أحياء وتعودون إلى الصور التي كنتم عليها قال هذا القول بعضهم لبعض استهزاء بما وعدهم الله على لسان رسوله من البعث وأخرجوا الكلام مخرج التلهى به والتضاحك مما يقوله من ذلك وإذا في موضع نصب بقوله مزقتم قال النحاس ولا يجوز أن يكون العامل فيها ينبئكم لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت ولا يجوز أن يكون العامل فيها ما بعد إن لأنه لا يعمل فيما قبلها وأجاز الزجاج أن يكون العامل فيها محذوفا والتقدير إذا مزقتم كل ممزق بعثتم أو نبئتم بأنكم تبعثون إذا مزقتم وقال المهدوى لا يجوز أن يعمل فيه مزقتم لأنه مضاف اليه والمضاف اليه لا يعمل في المضاف وأصل المزق خرق الأشياء يقال ثوب مزيق وممزق ومتمزق وممزوق
سبأ :( ٨ ) أفترى على الله.....
ثم حكى سبحانه عن هؤلاء الكفار أنهم رددوا ما وعدهم به رسول الله ( ﷺ ) من البعث بين أمرين فقالوا ) أفترى على الله كذبا أم به جنة ( أى أهو كاذب فيما قاله أم به جنون بحيث لا يعقل ما يقوله والهمزة في أفترى هى همزة الاستفهام وحذفت لأجلها همزة الوصل كما تقدم فى قوله ) أطلع الغيب ( ثم رد عليهم سبحانه ما قالوه فى رسوله فقال ) بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد ( أى ليس الأمر كما زعموا بل هم الذين ضلوا عن الفهم وإدراك الحقائق فكفروا بالآخرة ولم يؤمنوا بما جاءهم به فصاروا بسبب ذلك فى العذاب الدائم فى الآخرة وهم اليوم فى الضلال البعيد عن الحق غاية البعد


الصفحة التالية
Icon