"""""" صفحة رقم ٣٢٦ """"""
على بابها وليست للشك لكنها على ما تستعمله العرب فى مثل هذا إذا لم يرد المخبر أن يبين وهو عالم بالمعنى وقال أبو عبيدة والفراء هى بمعنى الواو وتقديره وإنا على هدى وإياكم لفى ضلال مبين ومنه قول جرير أثعلبة الفوارس أو رباحا
عدلت بهم طهية والربابا
أى ثعلبة ورباحا وكذا قول الآخر فلما اشتد بأس الحرب فينا
تأملنا رباحا أو رزاما
أى ورزاما وقوله أو إياكم معطوف على اسم إن وخبرها هو المذكور وحذف خبر الثاني للدلالة عليه أى إنا لعلى هدى أو فى ضلال مبين وإنكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ويجوز العكس وهو كون المذكور خبر الثاني وخبر الأول محذوفا كما تقدم فى قوله ) والله ورسوله أحق أن يرضوه )
سبأ :( ٢٥ ) قل لا تسألون.....
ثم أردف سبحانه هذا الكلام المنصف بكلام أبلغ منه في الإنصاف وأبعد من الجدل والمشاغبة فقال ) قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون ( أى إنما أدعوكم إلى ما فيه خير لكم ونفع ولا ينالنى من كفركم وترككم لإجابتى ضرر وهذا كقوله سبحانه ) لكم دينكم ولي دين ( وفى إسناد الجرم إلى المسلمين ونسبة مطلق العمل إلى المخاطبين مع كون أعمال المسملين من البر الخالص والطاعة المحضة وأعمال الكفار من المعصية البينة والإثم الواضح من الإنصاف ما لا يقادر قدره والمقصود المهادنة والمتاركة وقد نسخت هذه الآية وأمثالها بآية السيف
سبأ :( ٢٦ ) قل يجمع بيننا.....
ثم أمره سبحانه بأن يهددهم بعذاب الآخرة لكن على وجه لا تصريح فيه فقال ) قل يجمع بيننا ربنا ( أى يوم القيامة ) ثم يفتح بيننا بالحق ( أى يحكم ويقضى بيننا بالحق فيثيب المطيع ويعاقب العاصى ) وهو الفتاح ( أى الحاكم بالحق القاضى بالصواب العليم بما يتعلق بحكمه وقضائه من المصالح وهذه أيضا منسوخة بآية السيف
سبأ :( ٢٧ ) قل أروني الذين.....
ثم أمره سبحانه أن يورد عليهم حجة أخرى يظهر بها ماهم عليه من الخطأ فقال ) قل أروني الذين ألحقتم به شركاء ( أى أرونى الذين ألحقتموهم بالله شركاء له وهذه الرؤية هى القلبية فيكون شركاء هو المفعول الثالث لأن الفعل تعدى بالهمزة إلى ثلاثة الأول الياء في أرونى والثاني الموصول والثالث شركاء وعائد الموصول محذوف أى ألحقتموهم ويجوز أن تكون هى البصرية وتعدى الفعل بالهمزة إلى اثنين الأول الياء والثاني الموصول ويكون شركاء منتصبا على الحال ثم رد عليهم ما يدعونه من الشركاء وأبطل ذلك فقال ) كلا بل هو الله العزيز الحكيم ( أى ارتدعوا عن دعوى المشاركة بل المنفرد بالإهية هو الله العزيز بالقهر والغلبة الحكيم بالحكمة الباهرة
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله فزع عن قلوبهم قال جلى وأخرج ابن أبى حاتم وابن مردويه عنه قال لما أوحى الجبار إلى محمد ( ﷺ ) دعا الرسول من الملائكة ليبعثه بالوحى فسمعت المللائكة صوت الجبار يتكلم بالوحى فلما كشف عن قلوبهم سألوا عما قال الله فقالوا الحق وعلموا أن الله لا يقول إلا حقا قال ابن عباس وصوت الوحى كصوت الحديد على الصفا فلما سمعوا خروا سجدا فلما رفعوا رءوسهم ) قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ( وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم عنه أيضا قال ينزل الأمر إلى السماء الدنيا له وقعة كوقعة السلسلة على الصخرة فيفزع له جميع أهل السموات فيقولون ماذا قال ربكم ثم يرجعون إلى أنفسهم فيقولون الحق وهو العلى الكبير وأخرج البخارى وأبو داود والترمذى وابن ماجه وغيرهم من حديث أبى هريرة أن النبي ( ﷺ ) قال إذا قضى الله الأمر فى السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان


الصفحة التالية
Icon