"""""" صفحة رقم ٣٦٥ """"""
واختلف سيبويه ويونس إذا اجتمع استفهام وشرط أيهما يجاب فذهب سيبويه إلى أنه يجاب الاستفهام وذهب يونس إلى أنه يجاب الشرط وعلى القولين فالجواب هنا محذوف أى أئن ذكرتم فطائركم معكم لدلالة ما تقدم عليه وقرأ الماجشون أن ذكرتم بهمزة مفتوحة أى لأن ذكرتم ثم أضربوا عما يقتضيه الاستفهام والشرط من كون التذكير سببا للشؤم فقالوا ) بل أنتم قوم مسرفون ( أى ليس الأمر كذلك بل أنتم قوم عادتكم الإسراف فى المعصية قال قتادة مسرفون فى تطيركم وقال يحيى بن سلام مسرفون فى كفركم وقال ابن بحر السرف هنا الفساد والإسراف فى الأصل مجاوزة الحد فى مخالفة الحق
يس :( ٢٠ ) وجاء من أقصى.....
) وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ( هو حبيب بن موسى النجار وكان نجارا وقيل إسكافا وقيل قصارا وقال مجاهد ومقاتل هو حبيب بن إسرائيل النجار وكان ينحت الأصنام وقال قتادة كان يعبد الله في غار فلما سمع بخبر الرسل جاء يسعى وجملة ) قال يا قوم اتبعوا المرسلين ( مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قال لهم عند مجيئه فقيل قال يا قوم اتبعوا المرسلين هؤلاء الذين أرسلوا إليكم فإنهم جاءوا بحق
يس :( ٢١ ) اتبعوا من لا.....
ثم أكد ذلك وكرره فقال ) اتبعوا من لا يسألكم أجرا ( أى لا يسألونكم أجرا على ما جاءوكم به من الهدى ) وهم مهتدون ( يعنى الرسل
يس :( ٢٢ ) وما لي لا.....
ثم أبرز الكلام فى معرض النصيحة لنفسه وهو يريد مناصحة قومه فقال ) وما لي لا أعبد الذي فطرني ( أى أى مانع من جانبى يمنعنى من عبادة الذى خلقنى ثم رجع إلى خطابهم لبيان أنه ما أراد نفسه بل أرادهم بكلامه فقال ) وإليه ترجعون ( ولم يقل إليه أرجع وفيه مبالغة فى التهديد
يس :( ٢٣ ) أأتخذ من دونه.....
ثم عاد إلى المساق الأول لقصد التأكيد ومزيد الايضاح فقال ) أأتخذ من دونه آلهة ( فجعل الإنكار متوجها إلى نفسه وهم المرادون به أى لا أتخذ من دون الله آلهة وأعبدها وأترك عبادة من يستحق العبادة وهو الذى فطرنى ثم بين حال هذه الأصنام التى يعبدونها من دون الله سبحانه إنكارا عليهم وبيانا لضلال عقولهم وقصور إدراكهم فقال ) إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ( أى شيئا من النفع كائنا ما كان ) ولا ينقذون ( من ذلك الضر الذى أرادنى الرحمن به وهذه الجملة صفة لآلهة أو مستأنفة لبيان حالها فى عدم النفع والدفع وقوله ) لا تغن ( جواب الشرط وقرأ طلحة بن مصرف إن يردنى بفتح الياء
يس :( ٢٤ ) إني إذا لفي.....
قال ) إني إذا لفي ضلال مبين ( أى إنى إذا اتخذت من دونه آلهة لفى ضلال مبين واضح وهذا تعريض بهم كما سبق والضلال الخسران
يس :( ٢٥ ) إني آمنت بربكم.....
ثم صرح بإيمانه تصريحا لا يبقى بعده شك فقال ) إني آمنت بربكم فاسمعون ( خاطب بهذا الكلام المرسلين قال المفسرون أرادوا القوم قتله فأقبل هو على المرسلين فقال إنى آمنت بربكم أيها الرسل فاسمعون أى اسمعوا إيمانى واشهدوا لى به وقيل إنه خاطب بهذا الكلام قومه لما أرادوا قتله تصلبا فى الدين وتشددا فى الحق فلما قال هذا القول وصرح بالإيمان وثبوا عليه فقتلوه وقيل وطئوه بأرجلهم وقيل حرقوه وقيل حفروا له حفيرة وألقوه فيها وقيل إنهم لم يقتلوه بل رفعه الله إلى السماء فهو فى الجنة وبه قال الحسن وقيل نشروه بالمنشار
يس :( ٢٦ ) قيل ادخل الجنة.....
) قيل ادخل الجنة ( أى قيل له ذلك تكريما له بدخولها بعد قتله كما هى سنة الله فى شهداء عباده وعلى قول من قال إنه رفع إلى السماء ولم يقتل يكون المعنى أنهم لما أرادوا قلته نجاه الله من القتل وقيل له ادخل الجنة فلما دخلها وشاهدها ) قال يا ليت قومي يعلمون )
يس :( ٢٧ ) بما غفر لي.....
(بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ( والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر أي فماذا قال بعد أن قيل له ادخل الجنة فدخلها فقيل قال يا ليت قومى الخ وما فى ) بما غفر لي ( هى المصدرية أي بغفران ربى وقيل هى الموصولة أى بالذى غفر لى ربى والعائد محذوف أي غفره لى ربى واستضعف هذا لأنه لا معنى لتمنيه أن يعلم قومه بذنوبه المغفورة وليس المراد إلا التمنى منه بأن يعلم قومه بغفران ربه له وقال الفراء إنها استفهامية بمعنى التعجب كأنه قال بأى شىء غفر لى


الصفحة التالية
Icon