"""""" صفحة رقم ٣٦٨ """"""
من تكذيب الرسل والاستهزاء بهم وأن ذلك هو سبب التحسر عليهم
يس :( ٣١ ) ألم يروا كم.....
ثم عجب سبحانه من حالهم حيث لم يعتبروا بأمثالهم من الأمم الخالية فقال ) ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون ( أى ألم يعلموا كثرة من أهلكنا قبلهم من القرون التى أهلكناها من الأمم الخالية وجملة ) أنهم إليهم لا يرجعون ( بدل من كم أهلكنا على المعنى قال سيبويه أن بدل من كم وهى الخبرية فلذلك جاز أن يبدل منها ما ليس باستفهام والمعنى ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم أنهم إليهم لا يرجعون وقال الفراء كل فى موضع نصب من وجهين أحدهما بيروا واستشهد على هذا بأنه فى قراءة ابن مسعود ؟ ألم يروا من أهلكنا ؟ والوجه الآخر أن تكون كم فى موضع نصب بأهلكنا قال النحاس القول الأول محال لأن كم لا يعمل فيها ما قبلها لأنها استفهام ومحال أن يدخل الاستفهام فى حيز ما قبله وكذا حكمها إذا كانت خبرا وإن كان سيبويه قد أومأ إلى بعض هذا فجعل أنهم بدلا من كم وقد رد ذلك المبرد أشد رد
يس :( ٣٢ ) وإن كل لما.....
) وإن كل لما جميع لدينا محضرون ( أى محضرون لدينا يوم القيامة للجزاء قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة لما بتشديدها وقرأ الباقون بتخفيفها قال الفراء من شدد جعل لما بمعنى إلا وإن بمعنى ما أى ما كل إلا جميع لدينا محضرون ومعنى جميع مجموعون فهو فعيل بمعنى مفعول ولدينا ظرف له وأما على قراءة التخفيف فإن هى المخففة من الثقيلة وما بعدها مرفوع بالابتداء وتنوين كل عوض عن المضاف إليه وما بعده الخبر واللام هى الفارقة بين المخففة والنافية قال أبو عبيدة وما على هذه القراءة زائدة والتقدير عنده وإن كل لجميع وقيل معنى محضرون معذبون والأولى أنه على معناه الحقيقى من الإحضار للحساب
يس :( ٣٣ ) وآية لهم الأرض.....
ثم ذكر سبحانه البرهان على التوحيد والحشر مع تعداد النعم وتذكيرها فقال ) وآية لهم الأرض الميتة ( فآية خبر مقدم وتنكيرها للتفخيم ولهم صفتها أو متعلقة بآية لأنها بمعنى علامة والأرض مبتدأ ويجوز أن تكون آية مبتدأ لكونها قد تخصصت بالصفة وما بعدها الخبر قرأ أهل المدينة الميتة بالتشديد وخففها الباقون وجملة ) أحييناها ( مستأنفة مبينة لكيفية كونها آية وقيل هى صفة للأرض فنبههم الله بهذا على إحياء الموتى وذكرهم نعمه وكمال قدرته فإنه سبحانه أحيا الأرض بالنبات وأخرج منها الحبوب التى يأكلونها ويتغذون بها وهو معنى قوله ) وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ( وهو ما يقتاتونه من الحبوب وتقديم منه للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل وأكثر ما يقوم به المعاش
يس :( ٣٤ ) وجعلنا فيها جنات.....
) وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ( أى جعلنا فى الأرض جنات من أنواع النخل والعنب وخصصهما بالذكر لأنهما أعلى الثمار وأنفعها للعباد ) وفجرنا فيها من العيون ( أى فجرنا فى الأرض بعضا من العيون فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه أو المفعول العيون ومن مزيدة على رأى من جوز زيادتها فى الإثبات وهو الأخفش ومن وافقه والمراد بالعيون عيون الماء قرأ الجمهور فجرنا بالتشديد وقرأ جناح بن حبيش بالتخفيف والفجر والتفجير كالفتح والتفتيح لفظا ومعنى
يس :( ٣٥ ) ليأكلوا من ثمره.....
واللام فى ) ليأكلوا من ثمره ( متعلق بجعلنا والضمير فى من ثمره يعود إلى المذكور من الجنات والنخيل وقيل هو راجع إلى ماء العيون لأن الثمر منه قال الجرجانى قرأ الجمهور ثمره بفتح الثاء والميم وقرأ حمزة والكسائى بضمهما وقرأ الأعمش بضم الثاء وإسكان الميم وقد تقدم الكلام فى هذا فى الأنعام وقوله ) وما عملته أيديهم ( معطوف على ثمره أى ليأكلوا من ثمره ويأكلوا مما عملته أيديهم كالعصير والدبس ونحوهما وكذلك ما غرسوه وحفروه على أن موصولة وقيل هى نافية والمعنى لم يعملوه بل العامل له هو الله أى وجدوها معمولة ولا صنع لهم فيها وهو قول الضحاك ومقاتل قرأ الجمهور عملته وقرأ الكوفيون عملت بحذف الضمير والاستفهام فى قوله ) أفلا يشكرون ( للتقريع والتوبيخ لهم لعدم شكرهم للنعم
يس :( ٣٦ ) سبحان الذي خلق.....
وجملة ) سبحان الذي خلق الأزواج كلها ( مستأنفة مسوقة


الصفحة التالية
Icon