"""""" صفحة رقم ٣٩٣ """"""
وانتصاب ) متقابلين ( على الحالة من الضمير فى مكرمون أو من الضمير فى متعلق على سرر قال عكرمة ومجاهد معنى التقابل أنه لا ينظر بعضهم فى قفا بعض وقيل إنها تدور بهم الأسرة كيف شاءوا فلا يرى بعضهم قفا بعض قرأ الجمهور سرر بضم الراء وقرأ أبو السماك بفتحها وهى لغة بعض تميم
الصافات :( ٤٥ ) يطاف عليهم بكأس.....
ثم ذكر سبحانه صفة أخرى لهم فقال ) يطاف عليهم بكأس من معين ( ويجوز أن تكون هذه الجملة مستأنفة جوابا عن سؤال مقدر ويجوز أن تكون فى محل نصب على الحال من ضمير متقابلين والكأس عند أهل اللغة اسم شامل لكل إناء فيه الشراب فإن كان فارغا فليس بكأس وقال الضحاك والسدى كل كأس فى القرآن فهى الخمر قال النحاس وحكى من يوثق به من أهل اللغة أن العرب تقول للقدح إذا كان فيه خمر كأس فإذا لم يكن فيه خمر فهو قدح كما يقال لخوان إذا كان عليه طعام مائدة فإذا لم يكن عليه طعام لم يقل له مائدة ومن معين متعلق بمحذوف هو صفة لكأس قال الزجاج بكأس من معين أي من خمر تجرى كما تجرى العيون على وجه الأرض والمعين الماء الجارى
الصافات :( ٤٦ ) بيضاء لذة للشاربين
وقوله ) بيضاء لذة للشاربين ( صفتان لكأس قال الزجاج أى ذات لذة فحذف المضاف ويجوز أن يكون الوصف بالمصدر لقصد المبالغة فى كونها لذة فلا يحتاج إلى تقدير المضاف قال الحسن خمر الجنة أشد بياضا من اللبن له لذة لذيذة يقال سراب لذ ولذيذ كما يقال نبات غض وغضيض ومنه قول الشاعر بحديثها اللذ الذى لو كلمت
أسد الفلاة به أتين سراعا
واللذيذ كل شىء مستطاب وقيل البيضاء هى التى لم يعتصرها الرجال
الصافات :( ٤٧ ) لا فيها غول.....
ثم وصف هذه الكأس من الخمر بغير ما يتصف به خمر الدنيا فقال ) لا فيها غول ( أى لا تغتال عقولهم فتذهب بها ولا يصيبهم منها مرض ولا صداع ) ولا هم عنها ينزفون ( أى يسكرون يقال نزف الشارب فهو منزوف ونزيف إذا سكر ومنه قول امرىء القيس وإذا هى تمشى كمشى النزيف
يصرعه بالكثيب البهر
وقال أيضا نزيف إذا قامت لوجه تمايلت
ومنه قول الآخر
فلثمت فاها آخذا بقرونها شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
قال الفراء العرب تقول ليس فيها غيلة وغائلة وغول سواء وقال أبو عبيدة الغول أن تغتال عقلوهم وأنشد قول مطيع بن إياس
وما زالت الكأس تغتالهم وتذهب بالأول الأول
وقال الواحدى الغول حقيقته الإهلاك يقال غاله غولا واغتاله أى أهلكه والغول كل ما اغتالك أى أهلكك قرأ الجمهور ينزفون بضم الياء وفتح الزاى مبنيا للمفعول وقرأ حمزة والكسائى بضم الياء وكسر الزاي من أنزف الرجل إذا ذهب عقله من السكر فهو نزيف ومنزوف ومنزف يقال أحصد الزرع إذا حان حصاده وأقطف الكرم إذا حان قطافه قال الفراء منكسر الزاى فله معنيان يقال أنزف الرجل إذا فتيت خمره وأنزف إذا ذهب عقله من السكر وتحمل هذه القراءة على معنى لا ينفد شرابهم لزيادة الفائدة قال النحاس والقراءة الأولى أبين وأصح فى المعنى لأن معنى لا ينزفون عند جمهور المفسرين لا تذهب عقولهم فنفى الله عز وجل عن خمر الجنة الآفات التى تلحق فى الدنيا من خمرها من الصداع والسكر وقال الزجاج وأبو على الفارسى معنى لا ينزفون بكسر الزاى لا يسكرون قال المهدوى لا يكون معنى ينزفون يسكرون لأن قبله ) لا فيها غول ( أى لا تغتال عقولهم فيكون تكريرا وهذا يقوى ما قاله قتادة إن الغول وجع البطن وكذا روى