"""""" صفحة رقم ٤ """"""
وجاز الابتداء بالنكرة لكونها موصوفة بقوله ) أنزلناها ( والخبر ) الزانية والزاني ( ويكون المعنى السورة المنزلة المفروضة كذا وكذا إذ السورة عبارة عن آيات مسرودة لها مبدأ ومختم وهذا معنى صحيح ولا وجه لما قاله الأولون من تعليل المنع من الابتداء بها كونها نكرة فهي نكرة مخصصة بالصفة وهو مجمع على جواز الابتداء بها وقيل هي مبتدأ محذوف الخبر على تقدير فيما أوحينا إليك سورة ورد بأن مقتضى المقام ببيان شأن هذه السورة الكريمة لا بيان أن في جملة ما أوحى إلى النبي ( ﷺ ) سورة شأنها كذا وكذا وقرأ الحسن بن عبد العزيز وعيسى الثقفي وعيسى الكوفي ومجاهد وأبو حيوة وطلحة بن مصرف بالنصب وفيه أوجه الأول أنها منصوبة بفعل مقدر غير مفسر بما بعده تقديره اتل سورة أو اقرأ سورة والثاني أنها منصوبة بفعل مضمر يفسره ما بعده على ما قيل في باب اشتغال الفعل عن الفاعل بضميره أي أنزلنا سورة أنزلناها فلا محل لأنزلناها ها هنا لأنها جملة مفسرة بخلاف الوجه الذي قبله فإنها في محل نصب على أنها صفة لسورة الوجه الثالث أنها منصوبة على الإغراء أي دونك سورة قاله صاحب الكشاف ورده أبو حيان بأنه لا يجوز حذف أداة الإغراء الرابع أنها منصوبة على الحال من ضمير أنزلناها قال الفراء هي حال من الهاء والألف والحال من المكنى يجوز أن تتقدم عليه وعلى هذا فالضمير في أنزلناها ليس عائدا على سورة بل على الأحكام كأنه قيل أنزلنا الأحكام حال كونها سورة من سور القرآن قرأ ابن كثير وأبو عمرو وفرضناها بالتشديد وقرأ الباقون بالتخفيف قال أبو عمرو فرضناها بالتشديد أي قطعناها في الإنزال نجما نجما والفرض القطع ويجوز أن يكون التشديد للتكثير أو للمبالغة ومعنى التخفيف أوجبناها وجعلناها مقطوعا بها وقيل ألزمناكم العمل بها وقيل قدرنا ما فيها من الحدود والفرض التقدير ومنه ) إن الذي فرض عليك القرآن ( وأنزلنا فيها آيات بينات أى أنزلنا في غضونها وتضاعيفها ومعنى كونها بينات أنها واضحة الدلالة على مدلولها وتكرير أنزلنا لكمال العناية بإنزال هذه السورة لما اشتملت عليه من الأحكام
النور :( ٢ ) الزانية والزاني فاجلدوا.....
) الزانية والزاني ( هذا شروع في تفصيل ما أجمل من الآيات البينات والارتفاع على الابتداء والخبر ) فاجلدوا كل واحد منهما ( أو على الخبرية لسورة كما تقدم والزنا هو وطء الرجل للمرأة في فرجها من غير نكاح ولا شبهة نكاح وقيل هو إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا والزانية هي المرأة المطاوعة للزنا الممكنة منه كما تنبىء عنه الصيغة لا المكرهة وكذلك الزاني ودخول الفاء في الخبر لتضمن المبتدإ معنى الشرط على مذهب الأخفش وأما على مذهب سيبويه فالخبر محذوف والتقدير فيما يتلى عليكم حكم الزانية ثم بين ذلك بقوله ) فاجلدوا ( والجلد الضرب يقال جلده إذا ضرب جلده مثل بطنه إذا ضرب بطنه ورأسه إذا ضرب رأسه وقوله ) مائة جلدة ( هو حد الزاني الحر البالغ البكر وكذلك الزانية وثبت بالستة زيادة على هذا الجلد وهي تغريب عام وأما المملوك والمملوكة فجلد كل واحد منهما خمسون جلدة لقوله سبحانه ) فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ( وهذا نص في الإماء وألحق بهن العبيد لعدم الفارق وأما من كان محصنا من الأحرار فعليه الرجم بالسنة الصحيحة المتواترة وبإجماع أهل العلم بل وبالقرآن المتسوخ لفظه الباقي حكمه وهو الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة وزاد جماعة من أهل العلم مع الرجم جلد مائة وقد أوضحنا ما هو الحق في ذلك شرحنا للمنتقى وقد مضى الكلام في حد الزنا مستوفى وهذه الآية ناسخة لآية الحبس وآية الأذى اللتين في سورة النساء وقرأ عيسى بن عمر الثقفي ويحيى بن يعمر وأبو جعفر وأبو شيبة ) الزانية والزاني ( بالنصب قيل وهو القياس عند سيبويه لأنه عنده كقولك زيدا اضرب وأما الفراء والمبرد والزجاج فالرفع عندهم أوجه وبه قرأ الجمهور ووجه تقديم الزانية على الزاني ها هنا أن


الصفحة التالية
Icon