"""""" صفحة رقم ٥٠١ """"""
غافر :( ٦٦ ) قل إني نهيت.....
أمر الله سبحانه رسوله أن يخبر المشركين بأن الله نهاه عن عبادة غيره وأمره بالتوحيد فقال ) قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله ( وهى الأصنام ثم بين وجه النهى فقال ) لما جاءني البينات من ربي ( وهى الأدلة العقلية والنقلية فإنها توجب التوحيد ) وأمرت أن أسلم لرب العالمين ( أى أستسلم له بالانقياد والخضوع
غافر :( ٦٧ ) هو الذي خلقكم.....
ثم أردف هذا بذكر دليل من الأدلة على التوحيد فقال ) هو الذي خلقكم من تراب ( أى خلق أباكم الأول وهو آدم وخلقه من تراب يستلزم خلق ذريته منه ) ثم من نطفة ثم من علقة ( قد تقدم تفسير هذا فى غير موضع ) ثم يخرجكم طفلا ( أى أطفالا وأفرده لكونه اسم جنس أو على معنى يخرج كل واحد منكم طفلا ) ثم لتبلغوا أشدكم ( وهى الحالة التى تجتمع فيها القوة والعقل وقد سبق بيان الأشد مستوفى فى الأنعام واللام التعليلية فى لتبلغوا معطوفة على علة أخرى ليخرجكم مناسبة لها والتقدير لتكبروا شيئا فشيئا ثم لتبلغوا غاية الكمال وقوله ) ثم لتكونوا شيوخا ( معطوف على لتبلغوا قرأ نافع وحفص وأبو عمرو وابن محيصن وهشام ) شيوخا ( بضم الشين وقرأ الباقون بكسرها وقرىء وشيخا على الإفراد لقوله طفلا والشيخ من جاوز أربعين سنة ) ومنكم من يتوفى من قبل ( أى من قبل الشيخوخة ) ولتبلغوا أجلا مسمى ( أي وقت الموت أو يوم القيامة واللام هى لام العاقبة ) ولعلكم تعقلون ( أى لكى تعقلوا توحيد ربكم وقدرته البالغة فى خلقكم على هذه الأطوار المختلفة
غافر :( ٦٨ ) هو الذي يحيي.....
) هو الذي يحيي ويميت ( أى يقدر على الإحياء والإماتة ) فإذا قضى أمرا ( من الأمور التى يريدها ) فإنما يقول له كن فيكون ( من غير توقف وهو تمثيل لتأثير قدرته فى المقدورات عند تعلق إرادته بها وقد تقدم تحقيق معناه فى البقرة وفيما بعدها
غافر :( ٦٩ ) ألم تر إلى.....
ثم عجب سبحانه من أحوال المجادلين فى آيات الله فقال ) ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله ( وقد سبق بيان معنى المجادلة ) أنى يصرفون ( أى كيف يصرفون عنها مع قيام الأدلة الدالة على صحتها وأنها في أنفسها موجبة للتوحيد
غافر :( ٧٠ ) الذين كذبوا بالكتاب.....
قال ابن زيد هم المشركون بدليل قوله ) الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا ( قال القرطبى وقال أكثر المفسرين نزلت فى القدرية قال ابن سيرين إن لم تكن هذه لآية نزلت فى القدرية فلا أدرى فيمن نزلت ويجاب عن هذا بأن الله سبحانه قد وصف هؤلاء بصفة تدل على غير ما قالوه فقال ) الذين كذبوا بالكتاب ( أى بالقرآن وهذا وصف لا يصح أن يطلق على فرقة من فرق الإسلام والموصول إما فى محل جر على أنه نعت للموصول الأول أو بدل منه ويجوز أن يكون فى محل نصب على الذم والمراد بالكتاب إما القرآن أو جنس الكتب المنزلة من عند الله وقوله ) وبما أرسلنا به رسلنا ( معطوف على قوله بالكتاب ويراد به ما يوحى إلى الرسل من غير كتاب إن كانت اللام فى الكتاب للجنس أو سائر الكتب إن كان المراد بالكتاب القرآن ) فسوف يعلمون ( عاقبة أمرهم ووبال كفرهم وفى هذا وعيد شديد
غافر :( ٧١ - ٧٢ ) إذ الأغلال في.....
والظرف فى قوله ) إذ الأغلال في أعناقهم ( متعلق بيعلمون أى فسوف يعلمون وقت كون الأغلال فى أعناقهم ) والسلاسل ( معطوف على الأغلال والتقدير إذ الأغلال والسلاسل فى أعناقهم ويجوز أن يرتفع السلاسل على أنه مبتدأ وخبره محذوف لدلالة فى أعناقهم عليه ويجوز أن يكون خبره ) يسحبون في الحميم ( بحذف العائد أى يسحبون بها فى الحميم وهذا على قراءة الجمهور برفع السلاسل وقرأ ابن عباس وابن مسعود وعكرمة وأبو الجوزاء بنصبها وقرءوا يسحبون بفتح الياء مبنيا للفاعل فتكون السلاسل مفعولا مقدما وقرأ بعضهم بجر السلاسل قال الفراء وهذه القراءة محمولة على المعنى إذ المعنى أعناقهم فى الأغلال والسلاسل وقال الزجاج المعنى على هذه القراءة وفى السلاسل يسحبون واعترضه ابن الأنبارى بأن ذلك لا يجوز فى العربية ومحل يسحبون على تقدير عطف السلاسل على الأغلال وعلى تقدير كونها مبتدأ وخبرها فى أعناقهم النصب على الحال أو لا محل له


الصفحة التالية
Icon