"""""" صفحة رقم ٥٠٧ """"""
وبعدها ياء خفيفة ) وتجعلون له أندادا ( أى أضدادا وشركاء والجملة معطوفة على تكفرون داخلة تحت الاستفهام والإشارة بقوله ) ذلك ( إلى الموصول المتصف بما ذكر وهو مبتدأ وخبره ) رب العالمين ( ومن جملة العالمين ما تجعلونها أندادا لله فكيف تجعلون بعض مخلوقاته شركاء له فى عبادته
فصلت :( ١٠ ) وجعل فيها رواسي.....
وقوله ) وجعل فيها رواسي ( معطوف على خلق أى كيف تكفرون بالذى خلق الأرض وجعل فيها رواسى أى جبالا ثوابت من فوقها وقيل جملة وجعل فيها رواسى مستأنفة غير معطوفة على خلق لوقوع الفصل بينهما بالأجنبى والأول أولى لأن الجملة الفاصلة هى مقررة لمضمون ما قبلها فكانت بمنزلة التأكيد ومعنى ) من فوقها ( أنها مرتفعة عليها لأنها من أجزاء الأرض وإنما خالفتها باعتبار الارتفاع فكانت من هذه الحيثية كالمغايرة لها ) وبارك فيها ( أى جعلها مباركة كثيرة الخير بما خلق فيها من المنافع للعباد قال السدى أنبت فيها شجرها ) وقدر فيها أقواتها ( قال قتادة ومجاهد خلق فيها أنهارها وأشجارها ودوابها وقال الحسن وعكرمة والضحاك قدر فيها أرزاق أهلها وما يصلح لمعايشهم من التجارات والأشجار والمنافع جعل فى كل بلد ما لم يجعله فى الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة والأسفار من بلد إلى بلد ومعنى ) في أربعة أيام ( أى فى تتمة أربعة أيام باليومين المتقدمين قاله الزجاج وغيره قال ابن الأنبارى ومثاله قول القائل خرجت من البصرة إلى بغداد فى عشرة أيام وإلى الكوفة فى خمسة عشر يوما أى فى تتمة خمسة عشر يوما فيكون المعنى أن حصول جميع ما تقدم من خلق الأرض وما بعدها فى أربعة أيام وانتصاب ) سواء ( على أنه مصدر مؤكد لفعل محذوف هو صفة للأيام أى استوت سواء بمعنى استواء ويجوز أن يكون منتصبا على الحال من الأرض أو من الضمائر الراجعة إليها قرأ الجمهور بنصب سواء وقرأ زيد بن على والحسن وابن أبى إسحاق وعيسى ويعقوب وعمرو بن عبيد بخفضه على أنه صفة لأيام وقرأ أبو جعفر برفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف قال الحسن المعنى فى أربعة أيام مستوية تامة وقوله ) للسائلين ( متعلق بسواء أى مستويات للسائلين أو بمحذوف كأنه قيل هذا الحصر للسائلين فى كم خلقت الأرض وما فيها أو متعلق بقدر أى قدر فيها أقواتها لأجل الطالبين المحتاجين إليها قال الفراء فى الكلام تقديم وتأخير والمعنى وقدر فيها أقواتها سواء للمحتاجين فى أربعة أيام واختار هذا ابن جرير
فصلت :( ١١ ) ثم استوى إلى.....
ثم لما ذكر سبحانه خلق الأرض وما فيها ذكر كيفية خلقه للسموات فقال ) ثم استوى إلى السماء ( أى عمد وقصد نحوها قصدا سويا قال الرازى هو من قولهم استوى إلى مكان كذا إذا توجه إليه توجها لا يلتفت معه إلى عمل آخر وهو من الاستواء الذى هو ضد الاعوجاج ونظيره قولهم استقام إليه ومنه قوله تعالى ) فاستقيموا إليه ( والمعنى ثم دعاه داعى الحكمة إلى خلق السموات بعد خلق الأرض وما فيها قال الحسن معنى الآية صعد أمره إلى السماء ) وهي دخان ( الدخان ما ارتفع من لهب النار ويستعار لما يرى من بخار الأرض قال المفسرون هذا الدخان هو بخار الماء وخص سبحانه الاستواء إلى السماء مع كون الخطاب المترتب على ذلك متوجها إليها وإلى الأرض كما يفيده قوله ) فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها ( استغناء بما تقدم من ذكر تقديرها وتقدير ما فيها ومعنى ائتيا افعلا ما آمركما به وجيئا به كما يقال ائت ما هو الأحسن أى افعله قال الواحدى قال المفسرون إن الله سبحانه قال أما أنت يا سماء فاطلعى شمسك وقمرك ونجومك وأما أنت يا أرض فشققى أنهارك وأخرجى ثمارك ونباتك قرأ الجمهور ائتيا أمرا من الإتيان وقرأ ابن عباس وابن جبير ومجاهد آتيا قالتا آتينا بالمد فيهما وهو إما من المؤاتاة وهى الموافقة أى لتوافق كل منكما الأخرى أو من الإيتاء وهو الإعطاء فوزنه على الأول فاعلا كقاتلا وعلى الثانى افعلا كأكرما ) طوعا أو كرها ( مصدران فى موضع الحال أى طائعتين أو مكرهتين وقرأ الأعمش كرها بالضم قال الزجاج أطيعا طاعة أو تكرهان