"""""" صفحة رقم ٧٣ """"""
ومنه خذلان إبليس للمشركين حيث يوالونه ثم يتركهم عند استغاثتهم به وهذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى أو من تمام كلام الظالم وأنه سمى خليله شيطانا بعد أن جعله مضلا أو أراد بالشيطان إبليس لكونه الذى حمله على مخاللة المضلين
الفرقان :( ٣٠ ) وقال الرسول يا.....
) وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ( معطوف على ) وقال الذين لا يرجون لقاءنا ( والمعنى إن قومى اتخذوا هذا القرآن الذى جئت به إليهم وأمرتنى بإبلاغه وأرسلتني به مهجورا متروكا لم يؤمنوا به ولا قبلوه بوجه من الوجوه وقيل هو من هجر إذا هذى والمعنى أنهم اتخذوه هجرا وهذيانا وقيل معنى مهجورا مهجورا فيه ثم حذف الجار وهجرهم فيه قولهم إنه سحر وشعر وأساطير الأولين وهذا القول يقوله الرسول ( ﷺ ) يوم القيامة وقيل إنه حكاية لقوله ( ﷺ ) فى الدنيا
الفرقان :( ٣١ ) وكذلك جعلنا لكل.....
) وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين ( هذا تسلية من الله سبحانه لرسوله ( ﷺ ) والمعنى أن الله سبحانه جعل لكل نبى من الأنبياء الداعين إلى الله عدوا يعاديه من مجرمى قومه فلا تجزع يا محمد فإن هذا دأب الأنبياء قبلك واصبر كما صبروا ) وكفى بربك هاديا ونصيرا ( قال المفسرون الباء زائدة أى كفى ربك وانتصاب نصيرا وهاديا على الحال أو التمييز أى يهدى عباده إلى مصالح الدين والدنيا وينصرهم على الأعداء
الفرقان :( ٣٢ ) وقال الذين كفروا.....
) وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ( هذا من جملة اقتراحاتهم وتعنتاتهم أى هلا نزل الله علينا هذا القرآن دفعة واحدة غير منجم واختلف في قائل هذه المقالة فقيل كفار قريش وقيل اليهود قالوا هلا أتيتنا بالقرآن جملة واحدة كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور وهذا زعم باطل ودعوى داحضة فإن هذه الكتب نزلت مفرقة كما نزل القرآن ولكنهم معاندون أو جاهلون لايدرون بكيفية نزول كتب الله سبحانه على أنبيائه ثم رد الله سبحانه عليهم فقال ) كذلك لنثبت به فؤادك ( أى نزلنا القرآن كذلك مفرقا والكاف في محل نصب على أنها نعت مصدر محذوف وذلك إشارة إلى مايفهم من كلامهم أى مثل ذلك التنزيل المفرق الذى قدحوا فيه واقترحوا خلافه نزلناه لنقوى بهذا التنزيل على هذه الصفة فؤادك فإن إنزاله مفرقا منجما على حسب الحوادث أقرب إلى حفظك له وفهمك لمعانيه وذلك من أعظم أسباب التثبيت واللام متعلقة بالفعل المحذوف الذى قدرناه وقال أبو حاتم إن الأخقش قال إنها جواب قسم محذوف قال وهذا قول مرجوح وقرأ عبد الله ليثبت بالتحتية أى الله سبحانه وقيل إن هذه الكلمة أعنى كذلك هى من تمام كلام المشركين والمعنى كذلك أى كالتوراة والإنجيل والزبور فيوقف على قوله كذلك ثم يبتدأ بقوله ) لنثبت به فؤادك ( على معنى أنزلناه عليك متفرقا لهذا الغرض قال ابن الأنبارى وهذا أجود وأحسن قال النحاس وكان ذلك أى إنزال القرآن منجما من أعلام النبوة لأنهم لايسألونه عن شىء إلا أجيبوا عنه وهذا لايكون إلا من نبى فكان ذلك تثبيتا لفؤاده وأفئدتهم ) ورتلناه ترتيلا ( هذا معطوف على الفعل المقدر أى كذلك نزلناه ورتلناه ترتيلا ومعنى الترتيل أن يكون آية بعد آية قال النخعى والحسن وقتادة وقيل إن المعني بيناه تبيينا حكى هذا عن ابن عباس وقال مجاهد بعضه في إثربعض وقال السدى فصلناه تفصيلا قال ابن الأعرابي ما أعلم الترتيل إلا التحقيق والتبين
الفرقان :( ٣٣ ) ولا يأتونك بمثل.....
ثم ذكر سبحانه أنهم محجوجون فى كل أوان مدفوع قولهم بكل وجه وعلى كل حالة فقال ) ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ( أى لايأتيك يا محمد المشركون بمثل من أمثالهم التى من جملتها اقتراحاتهم المتعنتة إلا جئناك في مقابلة مثلهم بالجواب الحق الثابت الذى يبطل ماجاءوا به من المثل ويدمغه ويدفعه فالمراد بالمثل هنا السؤال والاقتراح وبالحق جوابه الذى يقطع ذريعته ويبطل شبهته ويحسم مادته ومعنى ) وأحسن تفسيرا ( جئناك


الصفحة التالية
Icon