"""""" صفحة رقم ٧٩ """"""
فإذا وجد حجرا أحسن منه رمى به وعبد الآخر فأنزل الله الآية وأخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم فى الآية قال ذلك الكافر لايهوى شيئا إلا اتبعه
سورة الفرقان ( ٤٥ ٥٤ )
الفرقان :( ٤٥ ) ألم تر إلى.....
لما فرغ سبحانه من ذكر جهالة الجاهلين وضلالتهم أتبعه بذكر طرف من دلائل التوحيد مع مافيها من عظيم الإنعام فأولها الاستدلال بأحوال الظل فقال ) ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ( هذه الرؤية إما بصرية والمراد بها ألم تبصر إلى صنع ربك أوألم تبصر إلى الظل كيف مده ربك وإما قلبية بمعنى العلم فإن الظل متغير وكل متغير حادث ولكل حادث موجد قال الزجاج ألم تر ألم تعلم وهذا من رؤية القلب قال وهذا الكلام على القلب والتقدير ألم تر إلى الظل كيف مده ربك يعنى الظل من وقت الإسفار إلى طلوع الشمس وهو لا شمس معه وبه قال الحسن وقتادة وقيل هو من غيبوبة الشمس إلى طلوعها قال أبو عبيدة الظل بالغداة والفىء بالعشى لأنه يرجع بعد زوال الشمس سمى فيئا لأنه فاء من المشرق إلى جانب المغرب قال حميد ابن ثور يصف سرحة وكنى بها عن امرأة فلا الظل من برد الضحى تستطيعه
ولا الفىء من برد العشى تذوق
وقال ابن السكيت الظل ما نسخته الشمس والفىء مانسخ الشمس وحكى أبو عبيدة عن رؤبة قال كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فىء وظل ومالم تكن عليه الشمس فهو ظل انتهى وحقيقة الظل أنه أمر متوسط بين الضوء الخالص والظلمة الخالصة وهذا التوسط هو أعدل من الطرفين لأن الظلمة الخالصة يكرهها الطبع وينفر عنها الحس والضوء الكامل لقوته يبهر الحس البصرى ويؤذي بالتسخين ولذلك وصفت الجنة به بقوله وظل ممدود وجملة ) ولو شاء لجعله ساكنا ( معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه أى لو شاء الله سبحانه سكونه لجعله ساكنا ثابتا دائما مستقرا لاتنسخه الشمس وقيل المعنى لو شاء لمنع الشمس الطلوع والأول أولى والتعبير بالسكون عن الإقامة والاستقرار سائغ ومنه قولهم سكن فلان بلد كذا إذا أقام به واستقر فيه وقوله ) ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ( معطوف على قوله مد الظل داخل فى حكمه أى جعلناها علامة يستدل بها بأحوالها على أحواله وذلك لأن الظل يتبعها كما يتبع الدليل فى الطريق


الصفحة التالية
Icon