"""""" صفحة رقم ٨٩ """"""
تاب فإنه يتوب
الفرقان :( ٧٢ ) والذين لا يشهدون.....
ثم وصف سبحانه هؤلاء التائبين العاملين للصالحات فقال ) والذين لا يشهدون الزور ( أى لا يشهدون الشهادة الكاذبة أو لايحضرون الزور والزور هوالكذب والباطل ولا يشاهدونه وإلى الثانى ذهب جمهور المفسرين قال الزجاج الزور فى اللغة الكذب ولاكذب فوق الشرك بالله قال الواحدى أكثر المفسرين على أن الزور هاهنا بمعنى الشرك والحاصل أن يشهدون إن كان من الشهادة ففي الكلام مضاف محذوف أى لايشهدون شهادة الزور وإن كان من الشهود والحضور كما ذهب إليه الجمهور فقد اختلفوا فى معناه فقال قتادة لايساعدون أهل الباطل على باطلهم وقال محمد بن الحنفية لايحضرون اللهو والغناء وقال ابن جريج الكذب وروى عن مجاهد أيضا والأولى عدم التخصيص بنوع من أنواع الزور بل المراد الذين لايحضرون مايصدق عليه اسم الزور كائنا ما كان ) وإذا مروا باللغو مروا كراما ( أى معرضين عنه غير ملتفتين إليه واللغو كل ساقط من قول أو فعل قال الحسن اللغو المعاصى كلها وقيل المراد مروا بذوى اللغو يقال فلان يكرم عما يشينه أى يتنزه ويكرم نفسه عن الدخول فى اللغو والاختلاط بأهله
الفرقان :( ٧٣ ) والذين إذا ذكروا.....
) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم ( أى بالقرآن أو بما فيه موعظة وعبرة ) لم يخروا عليها صما وعميانا ( أى لم يقعوا عليها حال كونهم صما وعميانا ولكنهم أكبوا عليها سامعين مبصرين وانتفعوا بها قال ابن قتيبة المعنى لم يتغافلوا عنها كأنهم صم لم يسمعوها وعمى لم يبصروها قال ابن جرير ليس ثم خرور بل كما يقال قعد يبكى وإن كان غير قاعد قال ابن عطية كأن المستمع للذكر قائم فإذا أعرض عنه كان ذلك خرورا وهو السقوط على غير نظام قيل المعنى إذا تليت عليهم آيات الله وجلت قلوبهم فخروا سجدا وبكيا ولم يخروا عليها صما وعميانا قال الفراء أى لم يقعدوا على حالهم الأول كأن لم يسمعوا قال فى الكشاف ليس بنفى للخرور وإنما هو إثبات ونفى للصمم والعمى وأراد أن النفى متوجه إلى القيد لا إلى المقيد
الفرقان :( ٧٤ ) والذين يقولون ربنا.....
) والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ( من ابتدائية أو بيانية قرأ نافع وابن كثير وابن عباس والحسن وذرياتنا بالجمع وقرأ أبو عمر وحمزة والكسائي وطلحة وعيسى وذريتنا بالإفراد والذرية تقع على الجمع كما فى قوله ذرية ضعافا وتقع على الفرد كما فى قوله ذرية طيبة وانتصاب قرة أعين على المفعولية يقال قرت عينه قرة قال الزجاج يقال أقر الله عينك أى صادف فؤادك ما يحبه وقال المفضل فى قرة العين ثلاثة أقوال أحدها برد دمعها لأنه دليل السرور والضحك كما أن حره دليل الحزن والغم والثانى نومها لأنه يكون مع فراغ الخاطر وذهاب الحزن والثالث حصول الرضا ) واجعلنا للمتقين إماما ( أى قدوة يقتدى بنا فى الخير وإنما قال إماما ولم يقل أئمة لأنه يريد به الجنس كقوله ) ثم نخرجكم طفلا ( قال الفراء قال إماما ولم يقل أئمة كما قال للاثنين أنا رسول رب العالمين يعني أنه من الواحد الذى أريد به الجمع وقال الأخفش الإمام جمع أم من أم يأم جمع على فعال نحو صاحب وصحاب وقائم وقيام وقيل إن إماما مصدر يقال أم فلان فلانا إماما مثل الصيام والقيام وقيل أرادوا اجعل كل واحد منا إماما وقيل أرادوا اجعلنا إماما واحدا لاتحاد كلمتنا وقيل إنه من الكلام المقلوب وأن المعنى واجعل المتقين لنا إماما وبه قال مجاهد وقيل إن هذا الدعاء صادر عنهم بطريق الانفراد وأن عبارة كل واحد منهم عند الدعاء واجعلنى للمتقين إماما ولكنها حكيت عبارات الكل بصيغة المتكلم مع الغير لقصد الإيجاز كقوله ) يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ( وفى هذا إبقاء إماما على حاله ومثل مافى الآية قول الشاعر يا عاذلاتي لاتزدن ملامتي
إن العواذل ليس لى بأمين


الصفحة التالية
Icon