"""""" صفحة رقم ٩٨ """"""
مغالطة لما لم يجد جوابا عن الحجة التى أوردها عليه موسى
الشعراء :( ٢٦ ) قال ربكم ورب.....
فلما سمع موسى ما قال فرعون عليه حجة أخرى هى مندرجة تحت الحجة الأولى ولكنها أقرب إلى فهم السامعين له ف ) قال ربكم ورب آبائكم الأولين ( فأوضح لهم أن فرعون مربوب لا رب كما يدعيه والمعنى أن هذا الرب الذى أدعوكم إليه هو الذى خلق آباءكم الأولين وخلقكم فكيف تعبدون من هو واحد منكم مخلوق كخلقكم وله آباء قد فنوا كآبائكم
الشعراء :( ٢٧ ) قال إن رسولكم.....
فلم يجبه فرعون عند ذلك بشىء يعتد به بل جاء بما يشكك قومه ويخيل إليهم أن هذا الذى قاله موسى مما لايقوله العقلاء ف ) قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ( قاصدا بذلك المغالطة وإيقاعهم فى الحيرة مظهرا إنه مستخف بما قاله موسى مستهزئ به
الشعراء :( ٢٨ ) قال رب المشرق.....
فأجابه موسى عند ذلك بما هو تكميل لجوابه الأول ف ) قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ( ولم يشتغل موسى بدفع ما نسبه إليه من الجنون بل بين لفرعون شمول ربوبية الله سبحانه للمشرق والمغرب وما بينهما وإن كان ذلك داخلا تحت ربوبيته سبحانه للسموات والأرض وما بينهما لكن فيه تصريح بإسناد حركات السموات وما فيها وتغيير أحوالها وأوضاعها تارة بالنور وتارة بالظلمة إلى الله سبحانه وتثنية الضمير فى وما بينهما الأول لجنسى السموات والأرض كما في قول الشاعر تنقلت فى أشرف التنقل
بين رماحي نهشل ومالك
إن كنتم تعقلون أى شيئا من الأشياء أو إن كنتم من أهل العقل أى إن كنت يا فرعون ومن معك من العقلاء عرفت وعرفوا أنه لاجواب لسؤالك إلا ماذكرت لك
الشعراء :( ٢٩ ) قال لئن اتخذت.....
ثم إن اللعين لما انقطع عن الحجة رجع إلى الاستعلاء والتغلب ف ) قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ( أى لأجعلنك من أهل السجن وكان سجن فرعون أشد من القتل لأنه إذا سجن أحدا لم يخرجه حتى يموت فلما سمع موسى عليه السلام ذلك لاطفه طمعا فى إجابته وإرخاء لعنان المناظرة معه مريدا لقهره بالحجة المعتبرة فى باب النبوة وهى إظهار المعجزة
الشعراء :( ٣٠ ) قال أولو جئتك.....
فعرض له على وجه يلجئه إلى طلب المعجزة ف ) قال أولو جئتك بشيء مبين ( أى أتجعلنى من المسجونين ولو جئتك بشىء يتبين به صدقي ويظهر عنده صحة دعواى والهمزة هنا للاستفهام والواو للعطف على مقدر كما مر مرارا
الشعراء :( ٣١ ) قال فأت به.....
فلما سمع فرعون ذلك طلب ماعرضه عليه موسى ف ) قال فأت به إن كنت من الصادقين ( فى دعواك وهذا الشرط جوابه محذوف لأنه قد تقدم مايدل عليه
الشعراء :( ٣٢ ) فألقى عصاه فإذا.....
فعند ذلك أبرز موسى المعجزة ) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ( وقد تقدم تفسير هذا وما بعده فى سورة الأعراف واشتقاق الثعبان من ثعبت الماء في الأرض فانبعث أي فجرته فانفجر وقد عبر سبحانه في موضع آخر مكان الثعبان بالحية بقوله ) فإذا هي حية تسعى ( وفي موضع بالجان فقال كأنها جان والجان هو المائل إلى الصغر والثعبان هو المائل إلى الكبر والحية جنس يشمل الكبير والصغير
الشعراء :( ٣٥ ) يريد أن يخرجكم.....
ومعنى ) فماذا تأمرون ( ما رأيكم فيه وما مشورتكم فى مثله فأظهر لهم الميل إلى مايقولونه تألفا لهم واستجلابا لمودتهم لأنه قد أشرف ما كان فيه من دعوى الربوبية على الزوال وقارب ما كان يغرر به عليهم الاضمحلال وإلا فهو أكبر تيها وأعظم كبرا من أن يخاطبهم مثل هذه المخاطبة المشعرة بأنه فرد من أفرادهم وواحد منهم مع كونه قبل هذا الوقت يدعى أنه إلههم ويذعنون له بذلك ويصدقونه فى دعواه
الشعراء :( ٣٦ ) قالوا أرجه وأخاه.....
ومعنى ) أرجه وأخاه ( أخر أمرهما من أرجأته إذا أخرته وقيل المعنى احبسهما ) وابعث في المدائن حاشرين ( وهم الشرط الذين يحشرون الناس أى يجمعونهم
الشعراء :( ٣٧ ) يأتوك بكل سحار.....
) يأتوك بكل سحار عليم ( هذا ما أشاروا به عليه والمراد بالسحار العليم الفائق فى معرفة السحر وصنعته
الشعراء :( ٣٨ ) فجمع السحرة لميقات.....
) فجمع السحرة لميقات يوم معلوم ( هو يوم الزينة كما فى قوله ) قال موعدكم يوم الزينة )
الشعراء :( ٣٩ ) وقيل للناس هل.....
) وقيل للناس هل أنتم مجتمعون ( حثا لهم على الاجتماع ليشاهدوا ما يكون من موسى والسحرة ولمن تكون الغلبة


الصفحة التالية
Icon