"""""" صفحة رقم ١١٢ """"""
علم ) هذه الجملة في محل نصب على الحال أي يسمونهم هذه التسمية والحال أنهم غير عالمين بما يقولون فإنهم لم يعرفوهم ولا شاهدوهم ولا بلغ إليهم ذلك من طريق من الطرق التي يخبر عنها المخبرون عنها بل قالوا ذلك جهلا وضلالة وجرأة وقرئ ما لهم بها أي بالملائكة أو التسمية ( إن يتبعون إلا الظن ) أي ما يتبعون في هذه المقالة إلا مجرد الظن والتوهم ثم أخبر سبحانه عن الظن وحكمه فقال ( وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا ) أي إن جنس الظن لا يغنى من الحق شيئا من الإغتناء والحق هنا العلم وفيه دليل على إن مجرد الظن لا يقوم مقام العلم وأن الظان غير عالم وهذا في الأمور التي يحتاج فيها إلى العلم وهي المسائل العلمية لا فيما يكتفي فيه بالظن وهي المسائل العملية وقد قدمنا تحقيق هذا ولا بد من هذا التخصيص فإن دلالة العموم والقياس وخبر الواحد ونحو ذلك ظنيه فالعمل بها عمل بالظن وقد وجب علينا العمل به في مثل هذه الأمور فكانت أدلة وجوبه العمل به فيها مخصصة لهذا العموم وما ورد في معناه من الذم لمن عمل بالظن والنهي عن إتباعه
النجم :( ٢٩ ) فأعرض عن من.....
( فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ) أي أعرض عمن أعرض عن ذكرنا والمراد بالذكر هنا القرآن أو ذكر الآخرة أو ذكر الله على العموم وقيل المراد بالذكر هنا الإيمان والمعنى أترك مجادلتهم فقد بلغت إليهم ما أمرت به وليس عليك إلا البلاغ وهذا منسوخ بآية السيف ( ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) أي لم يرد سواها ولا طلب غيرها بل قصر نظره عليها فإنه غير متأهل للخير ولا مستحق للاعتناء بشأنه
النجم :( ٣٠ ) ذلك مبلغهم من.....
ثم صغر سبحانه شأنهم وحقر أمرهم فقال ( ذلك مبلغهم من العلم ) أي إن ذلك التولى وقصر الإرادة على الحياة الدنيا هو مبلغهم من العلم ليس لهم غيره ولا يلتفتون إلى سواه من أمر الدين قال الفراء أي ذلك قدر عقولهم ونهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الإخرة وقيل الإشارة بقوله ذلك إلى جعلهم للملائكة بنات الله وتسميتهم لهم تسمية الأنثى والأول أولى والمراد بالعلم هنا مطلق الأدراك الذي يندرج تحته الظن الفاسد والجملة مستأنفة لتقرير جهلهم وإتباعهم مجرد الظن وقيل معترضة بين المعلل والعلة وهي قوله ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن أهتدى ) فإن هذا تعليل للأمر بالإعراض والمعنى أنه سبحانه أعلم بمن حاد عن الحق وأعرض عنه ولم يهتد إليه وأعلم بمن اهتدى فقبل الحق وأقبل إليه وعمل به فهو مجاز كل عامل بعمله وإن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وإله وسلم وإرشاده له بأنه لا يتعب نفسه في دعوة من أصر على الضلالة وسبقت له الشقاوة فإن الله قد علم حال هذا الفريق الضال كما علم حال الفريق الراشد
النجم :( ٣١ ) ولله ما في.....
ثم أخبر سبحانه عن سعة قدرته وعظيم ملكه فقال ( ولله ما في السموات وما في الأرض ) أي هو المالك لذلك والمتصرف فيه ولا يشاركه فيه أحد واللام في ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ) متعلقة بما دل عليه الكلام كأنه قال هو مالك ذلك يضل من يشاء ويهدى من يشاء ليجزي المسيء بإساءته والمحسن بإحسانه وقيل إن قوله ولله ما في السموات وما في الأرض معترضة والمعنى إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن أهتدى ليجزي وقيل هي لام العاقبة أي وعاقبة أمر الخلق الذين فيهم المحسن والمسيء أن يجزي الله كلا منهما بعمله وقال مكي إن اللام متعلقة بقوله لا تغني شفاعتهم وهو بعيد من حيث اللفظ ومن حيث المعنى قرأ الجمهور ليجزي بالتحتية وقرأ زيد بن علي بالنون ومعنى ( بالحسنى ) أي بالمثوبة الحسنى وهي الجنة أو بسبب أعمالهم الحسنى
النجم :( ٣٢ ) الذين يجتنبون كبائر.....
ثم وصف هؤلاء المحسنين فقال ( الذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش ) فهذا الموصول في محل نصب على إنه نعت للموصول الأول في قوله الذين أحسنوا وقيل بدل منه وقيل بيان له وقيل منصوب على المدح بإضمار أعني أو في محل رفع على إنه خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين يجتنبون كبائر الإثم قرأ الجمهور كبائر على الجمع وقرأ حمزة والكسائي والأعمش ويحيى بن وثاب كبير على الإفراد والكبائر كل ذنب توعد الله عليه بالنار أو ذم فاعله ذما شديدا ولأهل العلم في تحقيق الكبائر كلام


الصفحة التالية
Icon