"""""" صفحة رقم ٢٣٠ """"""
سورة المنافقين ( ١ ٨
المنافقون :( ١ ) إذا جاءك المنافقون.....
قوله إذا جاءك المنافقون ) أي إذا وصلوا إليك وحضروا مجلسك وجواب الشرط قالوا وقيل محذوف وقالوا حال والتقدير جاؤوك قائلين كيت وكيت فلا تقبل منهم وقيل الجواب اتخذوا أيمانهم جنة وهو بعيد ( قالوا نشهد إنك لرسول الله ) أكدوا شهادتهم بإن واللام للإشعار بأنها صادرة من صميم قلوبهم مع خلوص اعتقادهم والمراد بالمنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه ومعنى نشهد لخلف فهو يجري مجرى القسم ولذلك يتلقى بما يتلقى به القسم ومن هذا قول قيس بن ذريح واشهد عند الله أني أحبها
فهذا لها عندي فما عندها ليا
ومثل نشهد نعلم فإنه يجري مجرى القسم كما في قول الشاعر ولقد علمت لتأتين منيتي
إن المنايا لا تطيش سهامها
وجملة ( والله يعلم إنك لرسوله ) معترضة مقررة لمضمون ما قبلها وهو ما أظهروه من الشهادة وإن كانت بواطنهم على خلاف ذلك ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) أي في شهادتهم التي زعموا أنها من صميم القلب وخلوص الأعتقاد لا إلى منطوق كلامهم وهو الشهادة بالرسالة فإنه حق والمعنى والله يشهد إنهم لكاذبون فيما تضمنه كلامهم من التأكيد الدال على أن شهادتهم بذلك صادرة عن خلوص اعتقاد وطمأنينة قلب وموافقة باطن لظاهر
المنافقون :( ٢ ) اتخذوا أيمانهم جنة.....
( أتخذوا أيمانهم جنة ) أي جعلوا حلفهم الذي حلفوا لكم به إنهم لمنكم وإن محمدا لرسول الله وقاية تقيهم منكم وسترة يستترون بها من القتل والأسر والجملة مستأنفة لبيان كذبهم وحلفهم عليه وقد تقدم قول من قال إنها جواب الشرط قرأ الجمهور أيمانهم بفتح الهمزة وقرأ الحسن بكسرها وقد تقدم تفسير هذا في سورة المجادلة ( فصدوا عن سبيل الله ) أي منعوا الناس عن الإيمان والجهاد وأعمال الطاعة بسبب ما يصدر منهم من التشكيك والقدح في النبوة هذا معنى الصد الذي بمعنى الصرف ويجوز أن يكون من الصدود أي أعرضوا عن الدخول في سبيل الله وإقامة أحكامه ( إنهم ساء ما كانوا يعملون ) من النفاق والصد وفي ساء معنى التعجب
المنافقون :( ٣ ) ذلك بأنهم آمنوا.....
والإشارة بقوله ( ذلك ) إلى ما تقدم ذكره من الكذب والصد وقبح الأعمال وهو مبتدأ وخبره ( بأنهم آمنوا ) أي بسبب أنهم آمنوا في الظاهر نفاقا ( ثم كفروا ) في الباطن أو أظهروا الإيمان للمؤمنين وأظهروا الكفر للكافرين وهذا صريح في كفر المنافقين وقيل نزلت الآيه في قوم آمنوا ثم ارتدوا والأول أولى كما يفيده السياق ( فطبع على قلوبهم ) أي ختم عليها بسبب كفرهم قرأ الجمهور فطبع على البناء للمفعول والقائم مقام الفاعل الجار والمجرور بعده وقرأ زيد بن علي على البناء للفاعل والفاعل ضمير يعود إلى الله سبحانه ويدل على هذا قراءة الأعمش فطبع الله على قلوبهم ( فهم لا يفقهون ) ما فيه من صلاحهم ورشادهم وهو الإيمان
المنافقون :( ٤ ) وإذا رأيتهم تعجبك.....
( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ) أي هيئاتهم ومناظرهم يعني أن لهم أجساما تعجب من يراها لما فيها من النضارة والرونق ( وإن يقولوا تسمع لقولهم ) فتحسب أن قولهم حق وصدق لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وقد كان عبد الله بن أبي رأس المنافقين فصيحا جسيما جميلا وكان يحضر مجلس النبي ( ﷺ ) فإذا قال سمع النبي ( ﷺ ) مقالته قال الكلبي المراد عبد الله بن أبي وجد بن قيس ومعتب بن قيس كانت لهم أجسام


الصفحة التالية
Icon