"""""" صفحة رقم ٢٣١ """"""
ومنظر وفصاحة والخطاب للنبي ( ﷺ ) وقيل لكل من يصلح له ويدل عليه قراءة من هو يسمع على البناء للمفعول وجملة ( كأنهم خشب مسندة ) مستأنفة لتقرير ما تقدم من أن أجسامهم تعجب الرائي وتروق الناظر ويجوز أن تكون في محل رفع على أنها خبر مبتدا محذوف شبهوا في جلوسهم في مجالس رسول الله ( ﷺ ) مستندين بها بالخشب المنصوبة المسندة إلى الحائط التي لا تفهم ولا تعلم وهم كذلك لخلوهم عن الفهم النافع والعلم الذي ينتفع به صاحبه قال الزجاج وصفهم بتمام الصون ثم أعلم أنهم في ترك الفهم والاستبصار بمنزلة الخشب قرأ الجمهور خشب بضمتين وقرأ أبو عمرو والكسائي وقنبل بإسكان الشين وبها قرأ البراء بن عازب واختارها أبو عبيد لأن واحدتها خشبة كبدنه وبدن واختار القراءة الأولى أبو حاتم وقرأ سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب بفتحتين ومعنى مسندة أنها اسندت إلى غيرها من قولهم أسندت كذا إلى كذا والتشديد للتكثير ثم عابهم الله سبحانه بالجبن فقال ( يحسبون كل صيحة عليهم ) أي يحسبون كل صيحة يسمعونها واقعة عليهم نازلة بهم لفرط جبنهم ورعب قلوبهم وفي المفعول الثاني للحسبان وجهان أحدهما أنه عليهم ويكون قوله ( هم العدو ) جملة مستأنفة لبيان أنهم الكاملون في العداوة لكونهم يظهرون غير ما يبطنون والوجه الثاني أن المفعول الثاني للحسبان هو قوله هم العدو يكون قوله ) عليهم ( متعلقا بصيحة وإنما جاء بضمير الجماعة باعتبار الخبر وكان حقه أن يقال هو العدو والوجه الأول أولى قال مقاتل والسدي أي إذا نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة ظنوا أنهم المرادون لما في قلوبهم من الرعب ومن هذا قول الشاعر ما زلت تحسب كل شيء بعدهم
خيلا تكر عليهم ورجالا
وقيل كان المنافقون على وجل من أن ينزل فيهم ما يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وأموالهم ثم امر الله سبحانه رسوله بأن يأخذ حذره منهم فقال ( فاحذرهم ) أن يتمكنوا من فرصة منك أو يطلعوا على شيء من أسرارك لأنهم عيون لاعدائك من الكفار ثم دعا عليهم بقوله ٠ قاتلهم الله أنى يؤفكون ) أي لعنهم الله وقد تقول العرب هذه الكلمة على طريق التعجب كقولهم قاتله الله من شاعر أو ما أشعره وليس بمراد هنا بل المراد ذمهم وتوبيخهم وهو طلب من الله سبحانه طلبه من ذاته عز وجل أن يلعنهم ويخزيهم أو هو تعليم للمؤمنين أن يقولوا ذلك ومعنى ( أنى يؤفكون ) كيف يصرفون عن الحق ويميلون عنه إلى الكفر قال قتادة معناه يعدلون عن الحق وقال الحسن معناه يصرفون عن الرشد
المنافقون :( ٥ ) وإذا قيل لهم.....
( وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله ) أي إذا قال لهم القائل من المؤمنين قد نزل فيكم ما نزل من القرآن فتوبوا إلى الله ورسوله وتعالوا يستغفر لكم رسول الله ( لووا رءوسكم ) أي حركوها استهزاء بذلك قال مقاتل عطفوا رؤوسهم رغبة عن الاستغفار قرأ الجمهور لووا بالتشديد وقرأ نافع بالتخفيف واختار القراءة الأولى أبو عبيد ( ورايتهم يصدون ) أي يعرضون عن قول من قال لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله أو يعرضون عن رسول الله ( ﷺ ) وجملة ( وهم مستكبرون ) في محل نصب على الحال من فاعل الحال الأولى وهي يصدون لأن الرؤية بصرية فيصدون في محل نصب على الحال والمعنى ورأيتهم صادين مستكبرين
المنافقون :( ٦ ) سواء عليهم أستغفرت.....
( سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ) أي الأستغفار وعدمه سواء لا ينفعهم ذلك لأحرارهم على النفاق واستمرارهم على الكفر قرأ الجمهور أستغفرت بهمزة مفتوحة من غير مد وحذف همزة الاستفهام ثقة بدلالة أم عليها وقرأ يزيد بن القعقاع بهمزة ثم الف ( لن يغفر الله لهم ) أي ما داموا على النفاق ( إن الله لا يهدي القوم الفاسقين ) أي الكاملين في الخروج عن الطاعة والأنهماك في معاصي الله


الصفحة التالية
Icon