"""""" صفحة رقم ٣٤٧ """"""
يشربون عينا يشرب بها عباد الله والأول أولى وتكون جملة يشرب بها عباد الله صفة لعينا وقيل إن الباء في يشرب بها زائدة وقيل بمعنى من قاله الزجاج ويعضده قراءة ابن أبي عبلة يشربها عباد الله وقيل إن يشرب مضمن معنى يلتذ وقيل هي متعلقة بيشرب والضمير يعود إلى الكأس وقال الفراء يشربها ويشرب بها سواء في المعنى وكأن يشرب بها يروى بها وينتفع بها وأنشد قول الهذلي شربن بماء البحر ثم ترفعت
قال ومثله تكلم بكلام حسن وتكلم كلاما حسنا ( يفجرونها تفجيرا ) أي يجرونها إلى حيث يريدون وينتفعون بها كما يشاؤون ويتبعهم ماؤها إلى كل مكان يريدون وصوله إليه فهم يشقونها شقا كما يشق النهر ويفجرالى هنا وهنا قال مجاهد يقودونها حيث شاؤوا وتتبعهم حيث مالوا مالت معهم والجملة صفة أخرى لعينا
الإنسان :( ٧ ) يوفون بالنذر ويخافون.....
وجملة ( يوفون بالنذر ) مستأنفة مسوقة لبيان ما لأجله رزقوا ما ذكر وكذا ما عطف عليها ومعنى النذر في اللغة الإيجاب والمعنى بوفون بما أوجبه الله عليهم من الطاعات قال قتادة ومجاهد يوفون بطاعة الله من الصلاة الحج ونحوهما وقال عكرمة يوفون إذا نذروا في حق الله سبحانه والنذر في الشرع ما أوجبه المكلف على نفسه فالمعنى يوفون بما أجبوه على أنفسهم قال الفراء في الكلام إضمار أي كانوا يوفون بالنذر في الدنيا وقال الكلبي يوفون بالعهد أي يتممون العهد والأولى حمل النذر هنا على ما أوجبه العبد على نفسه من غير تخصيص ( ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) المراد يوم القيامة ومعنى استطارة شره فشوه وانتشاره يقال استطار يستطير استطارة فهو مستطير وهو استفعل من الطيران ومنه قول الأعشى
فباتت وقد أثارت في الفؤاد صدعا على نأيها مستطيرا
والعرب تقول استطار الصدع في القارورة والزجاجة إذا امتد ويقال استطار الحريق إذا انتشر قال الفراء المستطير المستطيل قال قتادة استطار شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض قال مقاتل كان شره فاشيا في السموات فانشقت وتناثرت الكواكب وفزعت الملائكة وفي الأرض نسفت الجبال وغارت المياه
الإنسان :( ٨ ) ويطعمون الطعام على.....
( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) أي يطعمون هؤلاء الثلاثة الأصناف الطعام على حبه لديهم وقلته عندهم قال مجاهد على قلته وحبهم إياه وشهوتهم له فقوله على حبه في محل نصب على الحال أي كائنين على حبه ومثله قوله لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وقيل على حب الإطعام لرغبتهم في الخير قال الفضيل بن عياض على حب إطعام الطعام وقيل الضمير في حبه يرجع إلى الله أي يطعمون الطعام على حب الله أي تطعمون إطعاما كائنا على حب الله
الإنسان :( ٩ ) إنما نطعمكم لوجه.....
ويؤيد هذا قوله ( إنما نطعمكم لوجه الله ) والمسكين ذو المسكنة وهو الفقير أو من هو أفقر من الفقير والمراد باليتم يتامى المسلمين والأسير الذي يؤسر فيحبس قال قتادة ومجاهد الأسير المحبوس وقال عكرمه الأسير العبد وقال أبو حمزة الثمالي الأسير المرأة قال سعيد بن جبير نسخ هذا الإطعام آية الصدقات وآية للسيف في حق الأسير الكافر وقال غيره بل هي محكمة وإطعام المسكين واليتيم على التطوع وإطعام الأسير لحفظ نفسه إلى أن يتخير فيه الأمام وجملة ( إنما نطعمكم لوجه الله ) في محل نصب على الحال بتقدير القول أي يقولون إنما نطعمكم أو قائلين إنما نطعمكم يعني أنهم لا يتوقعون المكافأة ولا يريدون ثناء الناس عليهم بذلك قال الواحدي قال المفسرون لم يستكملوا بهذا ولكن علمه الله من قلوبهم فأثنى عليهم وعلم من ثنائه أنهم فعلوا ذلك خوفا من الله ورجاء ثوابه ( لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) أي لا نطلب منكم المجازاة على هذا الإطعام ولا نريد منكم الشكر لنا بل هو خالص لوجه الله وهذه الجملة مقررة لما


الصفحة التالية
Icon