"""""" صفحة رقم ٣٩ """"""
على أدبارهم ) أي رجعوا كفارا كما كانوا قال قتادة هم كفار أهل الكتاب كفروا بالنبي ( ﷺ ) بعد ما عرفوا نعته عندهم وبه قال ابن جرير وقال الضحاك والسدى هم المنافقون قعدوا عن القتال وهذا أولى لأن السياق في المنافقين ( من بعد ما تبين لهم الهدى ) بما جاءهم به رسول الله ( ﷺ ) من المعجزات الظاهرة والدلائل الواضحة ( الشيطان سول لهم ) أي زين لهم خطاياهم وسهل لهم الوقوع فيها وهذه الجملة خبر إن ومعنى ( وأملى لهم ) أن الشيطان مد لهم في الأمل ووعدهم طول العمر وقيل إن الذي أملى لهم هو الله عز وجل على معنى أنه لم يعاجلهم بالعقوبة قرأ الجمهور ( أملى ) مبنيا للفاعل وقرأ أبو عمرو وأبن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وأبو جعفر وشيبة على البناء للمفعول قيل وعلى هذه القراءة يكون الفاعل هو الله أو الشيطان كالقراءة الأولى وقد اختار القول بأن الفاعل الله الفراء والمفضل والأولى اختيار أنه الشيطان لتقدم ذكره قريبا والإشارة بقوله ( ذلك ) إلى ما تقدم من ارتدادهم وهو مبتدأ وخبره
محمد :( ٢٦ ) ذلك بأنهم قالوا.....
( بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ) أي بسبب أن هؤلاء المنافقين الذين ارتدوا على أدبارهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله وهم المشركون ( سنطيعكم في بعض الأمر ) وهذا البعض هو عداوة رسول الله ( ﷺ ) ومخالفة ما جاء به وقيل المعنى إن المنافقين قالوا لليهود سنطيعكم في بعض الأمر وقيل ان القائلين اليهود الذين كرهوا ما أنزل الله المنافقون وقيل أن الأشارة بقوله ذلك إلى الإملاء وقيل إلى التسويل والأول أولى ويؤيد كون القائلين المنافقين والكارهين اليهود قوله تعالى ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم ولما كان قولهم المذكور للذين كرهوا ما أنزل الله بطريقة السر بينهم قال الله سبحانه ( والله يعلم أسرارهم ) قرأ الجمهور بفتح الهمزة جمع سر واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم وقرأ الكوفيون وحمزة والكسائى وحفص عن عاصم وابن وثاب والأعمش بكسر الهمزة على المصدر إي إخفاءهم
محمد :( ٢٧ ) فكيف إذا توفتهم.....
( فكيف إذا توفتهم الملائكة ) الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها وكيف في محل رفع على إنها خبر مقدم والتقدير فكيف علمه بأسرارهم إذا توفتهم الملائكة أو في محل نصب بفعل محذوف أي فكيف يصنعون أو خبر لكان مقدره أي فكيف يكونون والظرف معمول للمقدر قرأ الجمهور توفتهم وقرأ الأعمش توفاهم وجملة ( يضربون وجوههم وأدبارهم ) في محل نصب على الحال من فاعل توفتهم أو من مفعوله أي ضاربين وجوههم وضاربين أدبارهم وفي الكلام تخويف وتشديد والمعنى أنه إذا تاخر عنهم العذاب فسيكون حالهم هذا وهو تصوير لتوفيهم على أقبح حال وأشنعه وقيل ذلك عند القتال نصره من الملائكة لرسول الله ( ﷺ ) وقيل ذلك يوم القيامة والأول أولى
محمد :( ٢٨ ) ذلك بأنهم اتبعوا.....
والإشارة بقوله ( ذلك ) إلى لتوفى المذكور على الصفة المذكورة وهو مبتدأ وخبره ( بأنهم اتبعوا ما أسخط الله ) أي بسبب اتباعهم ما يسخط الله من الكفر والمعاصي وقيل كتمانهم ما في التوراة من نعت نبينا ( ﷺ ) والأول أولى لما في الصيغة من العموم ( و كرهوا رضوانه ) أي كرهوا ما يرضاه الله من الإيمان والتوحيد والطاعة ( فأحبط ) الله ( أعمالهم ) بهذا السبب والمراد بأعمالهم الأعمال التي صورتها صورة الطاعة وإلا فلا عمل لكافر أو ما كانوا قد عملوا من الخير قبل الردة
محمد :( ٢٩ ) أم حسب الذين.....
( أم حسب الذين في قلوبهم مرض ) يعني المنافقين المذكورين سابقا وأم هي المنقطعة أي بل أحسب المنافقون ( أن لن يخرج الله أضغانهم ) الإخراج بمعنى الإظهار والأضغان جمع ضغن وهو ما يضمر من المكروه واختلف في معناه فقيل هو الغش وقيل الحسد وقيل الحقد قال الجوهرى الضغن والضغينة الحقد وقال قطرب هو في الآية العداوة وأن هي المنخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدر
محمد :( ٣٠ ) ولو نشاء لأريناكهم.....
( ولو نشاء لأريناكهم ) أي لأعلمناكم وعرفناكهم بأعيانهم معرفة تقوم مقام الرؤية تقول العرب سأريك ما أصنع أي سأعلمك