"""""" صفحة رقم ٣٩٥ """"""
الإنفطار :( ١ ) إذا السماء انفطرت
قوله (إذا السماء انفطرت قال الواحدي قال المفسرون انفطارها انشقاقها كقوله ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا والفطر الشق يقال فطرته فانفطر ومنه فطرناب البعير إذا طلع قيل والمراد أنها انفطرت هنا لنزول الملائكة منها وقيل انفطرت لهيبة الله
الإنفطار :( ٢ ) وإذا الكواكب انتثرت
( وإذا الكواكب انتثرت ) أي تساقطت متفرقة يقال نثرت الشيء أنثره نثرا
الإنفطار :( ٣ ) وإذا البحار فجرت
( وإذا البحار فجرت ) أي فجر بعضها في بعض فصارت بحرا واحدا واختلط العذب منها بالمالح وقال الحسن معنى فجرت ذهب ماؤها ويبست وهذه الأشياء بين يدي الساعة كما تقدم في السورة التي قبل هذه
الإنفطار :( ٤ ) وإذا القبور بعثرت
( وإذا القبور بعثرت ) أي قلب ترابها وأخرج الموتى الذين هم فيها يقال بعثر يبعثر بعثرة إذا قلب التراب ويقال بعثر المتاع قلبه ظهرا لبطن وبعثرت الحوض وبحثرته إذا هدمته وجعلت اعلاه أسفله قال الفراء بعثرت أخرج ما في بطنها من الذهب والفضة وذلك من اشراط الساعة ان تخرج الأرض ذهبها وفضتها
الإنفطار :( ٥ ) علمت نفس ما.....
ثم ذكر سبحانه الجواب عما تقدم فقال ( علمت نفس ما قدمت وأخرت ) والمعنى أنها علمته عند نشر الصحف لا عند البعث لأنه وقت واحد من عند البعث إلى عند مصير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار والكلام في إفراد نفس هنا كما تقدم في السورة الأولى في قوله علمت نفس ما أحضرت ومعنى ( ما قدمت وأخرت ) ما قدمت من عمل خير أو شر وما أخرت من سنة حسنة أو سيئة لأن لها أجرا ما سنته من السنن الحسنة وأجرمت عمل بها وعليها وزر ما سنته من السنن السيئة ووزر من عمل بها وقال قتادة ما قدمت من معصية واخرت من طاعة وقيل ما قدم من فرض وأخر من فرض وقيل أول عمله وآخره وقيل إن النفس تعلم عند البعث بما قدمت وأخرت علما إجماليا لأن المطيع يرى أثار السعادة والعاصي يرى آثار الشقاوة وأما العلم التفصيلي فإنما يحصل عند نشر الصحف
الإنفطار :( ٦ ) يا أيها الإنسان.....
( يا ايها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) هذا خطاب الكفار أي ما الذي غرك وخدعك حتى كفرت بربك الكريم الذي تفضل عليك في الدنيا بإكمال خلقك وحواسك وجعلك عاقلا فاهما ورزقك وأنعم عليك بنعمه التي لا تقدر على جحد شيء منها قال قتادة غره شيطانه المسلط عليه وقال الحسن غره شيطانه الخبيث وقيل حمقه وجهله وقيل غره عفو الله إذا لم يعاجله بالعقوبة أول مرة كذا قال مقاتل
الإنفطار :( ٧ ) الذي خلقك فسواك.....
( الذي خلقك فسواك فعدلك ) أي خلقك من نطفة ولم تك شيئا فسواك رجلا تسمع وتبصر وتعقل فعدلك جعلك معتدلا قال عطاء جعلك قائما معتدلا حسن الصورة وقال مقاتل عدل خلقك في العينين والأذنين واليدين والرجلين والمعنى عدل بين ما خلق لك من الأعضاء قرأ الجمهور فعدلك مشددا وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف واختار أبو حاتم وأبو عبيد القراءة الأولى قال الفراء وأبو عبيد يدل عليها قوله لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ومعنى القراءة الأولى أنه سبحانه جعل أعضاءه متعادلة لا تفاوت فيها ومعنى القراءة الثانية أنه صرفه وأماله إلى أي صورة شاء إما حسنا وإما قبيحا وإما طويلا وإما قصيرا
الإنفطار :( ٨ ) في أي صورة.....
( في أي صورة ما شاء ركبك ) في أي صورة متعلق بركبك وما فريدة وشاء صفة لصورة أي ركبك في أي صورة شاءها من الصور المختلفة وتكون هذه الجملة كالبيان لقوله ( فعدلك ) والتقدير فعدلك ركبك في أي صورة شاءها ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال أي ركبك حاصلا في أي صورة ونقل أبو حيان عن بعض المفسرين أنه متعلق بعدلك واعترض عليه بأن اي لها صدر الكلام فلا يعمل فيها ما قبلها وقال مقاتل والكلبي ومجاهد في أي شبه من أب أو أم أو خال أو عم وقال مكحول إن شاء ذكر وإن شاء أنثى
الإنفطار :( ٩ ) كلا بل تكذبون.....
وقوله ( كلا ) للردع والزجر عن الاغترار بكرم الله سبحانه وجعله ذريعة إلى الكفر به والمعاصي له ويجوز أن يكون بمعنى حقا وقوله ( بل تكذبون بالدين ) إضراب عن جملة مقدرة ينساق إليها الكلام كأنه قيل بعد الردع وأنتم لا ترتدعون عن ذلك بل


الصفحة التالية
Icon