"""""" صفحة رقم ٤٤ """"""
سورة الفتح ( ١ ٧
الفتح :( ١ ) إنا فتحنا لك.....
قوله ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) اختلف في تعيين هذا الفتح فقال الأكثر هو صلح الحديبية والصلح قد يسمى فتحا قال الغراء والفتح قد يكون صلحا ومعنى الفتح في اللغة فتح المنغلق والصلح الذي كان مع المشركين بالحديبية كان مسدودا متعذرا حتى فتحه الله قال الزهري لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير وكثر بهم سواد الإسلام قال الشعبي لقد أصاب رسول الله ( ﷺ ) في الحديبية ما لم يصب في غزوة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبويع بيعة الرضوان وأطعموا نخل خيبر وبلغ الهدى محله وظهرت الروم على فارس ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس وقال قوم إنه فتح مكة وقال آخرون إنه فتح خيبر والأول أرجح ويؤيده ما ذكرناه قبل هذا من أن السورة أنزلت في شأن الحديبية وقيل هو جميع ما فتح الله لرسوله من الفتوح وقيل هو ما فتح له من النبوة والدعوة إلى الإسلام وقيل فتح الروم وقيل المراد بالفتح في هذه الآية الحكم والقضاء كما في قوله افتح بيننا وبين قومنا بالحق فكأنه قال إنا قضينا لك قضاء مبينا أي ظاهرا واضحا مكشوفا
الفتح :( ٢ ) ليغفر لك الله.....
( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) اللام متعلقة بفتحنا وهي لام العلة قال ابن الأنباري سألت أبا العباس يعنى المبرد عن اللام في قوله ( ليغفر لك الله ) فقال هي لام كي معناها إنا فتحنا لك فتحا مبينا لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح فلما انضم إلى المغفرة شيء حادث واقع حسن معنى كي وغلط من قال ليس الفتح سبب المغفرة وقال صاحب الكشاف إن اللام لم تكن علة للمغفرة ولكن لاجتماع ما عدد من الأمور الأربعة وهي المغفرة وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم والنصر العزيز كأنه قيل يسرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوك لنجمع لك بين عز الدارين وأعراض العاجل والآجل وهذا كلام غير جيد فإن اللام داخلة على المغفرة فهي علة للفتح فكيف يصح أن تكون معللة وقال الرازي في توجيه التعليل إن المراد بقوله ( ليغفر لك الله ) التعريف بالمغفرة