"""""" صفحة رقم ٤٤٣ """"""
وسلم لم تحل لأحد قبلى ولا تحل لأحد بعدي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار قال والمعنى أن الله لما ذكر القسم بمكة دل ذلك على عظم قدرها مع كونها حراما فوعد نبيه صلى الله عليه واله وسلم أن يحلها له حتى يقاتل فيها ويفتحها على يده فهذا وعد من الله تعالى بأن يحلها له حتى يكون بها حلا انتهى فالمعنى وأنت حل بهذا البلد في المستقبل كما في قوله إنك ميت وإنهم ميتون قال مجاهد المعنى ما صنعت فيه من شيء فأنت حل قال قتادة أنت حل به لست باثم يعني أنك غير مرتكب في هذا البلد ما يحرم عليك ارتكابه لا كالمشركين الذين يرتكبون فيه الكفر والمعاصي وقيل المعنى لا أقسم بهذا البلد وأنت حال به ومقيم فيه وهو محلك فعلى القول بأن لا نافية غير زائدة يكون المعنى لا أقسم به وأنت حال به فأنت أحق بالإقسام بك وعلى القول بأنها زائدة يكون المعنى أقسم بهذا البلد الذي أنت مقيم به تشريفا لك وتعظيما لقدرك لأنه قد صار بإقامتك فيه عظيما شريفا وزاد على ما كان عليه من الشرف والعظم ولكن هذا إذا تقرر في لغة العرب أن لفظ حل يجيىء بمعنى حال وكما يجوز أن تكون الجملة معترضة يجوز أن تكون في محل نصب على الحال
البلد :( ٣ ) ووالد وما ولد
) ووالد وما ولد ( عطف على البلد قال قتادة ومجاهد والضحاك والحسن وأبو صالح ) ووالد ( أي ادم ) وما ولد ( أي وما تناسل من ولده أقسم بهم لأنهم أعجب ما خلق الله على وجه الأرض لما فيهم من البيان والعقل والتدبير وفيهم الأنبياء والعلماء والصالحون وقال أبو عمران الجوني الوالد إبراهيم وما ولد ذريته قال الفراء إن ما عبارة عن الناس كقوله ما طاب لكم وقيل وقيل الوالد إبراهيم والولد إسماعيل ومحمد صلى الله عليه واله وسلم وقال عكرمة وسعيد ابن جبير ووالد يعني الذي يولد له وما ولد يعني العاقر الذي لا يولد له وكأنهما جعلا ما نافية وهو بعيد ولا يصح ذلك إلا بإضمار الموصول أي ووالد الذي ما ولد ولا يجوز إضمار الموصول عند البصريين وقال عطية العوفي هو عام في كل والد ومولود من جميع الحيوانات واختار هذا ابن جرير
البلد :( ٤ ) لقد خلقنا الإنسان.....
) لقد خلقنا الإنسان في كبد ( هذا جواب القسم والإنسان هو هذا النوع الإنساني والكبد الشدة والمشقة يقال كابدت لأمر قاسيت شدته والإنسان لا يزال في مكابدة الدنيا ومقاساة شدائدها حتى يموت وأصل الكبد الشدة ومنه تكبد اللبن إذا غلط واشتد ويقال كبد الرجل إذا وجعت كبده ثم استعمل في كل شدة ومشقة ومنه قول أبي الأصبغ لي ابن عم لو أن الناس في كبد
لظل محتجرا بالنبل يرميني
قال الحسن يكابد مصائب الدنيا وشدائد الاخرة وقال أيضا يكابد الشكر على السراء ويكابد الصبر على الضراء لا يخلو عن أحدهما قال الكلبي نزلت هذه الاية في رجل من بني جمح يقال له أبو الأشدين وكان يأخذ الأديم العكاظي ويجعله تحت رجليه ويقول من أزالني عنه فله كذا فيجذبه عشرة حتى يتمزق ولا تزول قدماه وكان من أعداء النبي صلى الله عليه واله وسلم وفيه نزل ) أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ( يعني لقوته ويكون معنى ) في كبد ( على هذا في شدة خلق وقيل معنى ) في كبد ( أنه جرىء القلب غليظ الكبد
البلد :( ٥ ) أيحسب أن لن.....
) أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ( أي يظن ابن ادم أن لن يقدر عليه ولا ينتقم منه أحد أو يظن أبو الأشدين أن لن يقدر عليه أحد وأن هي المخففة من الثقيلة واسمهما ضمير شأن مقدر
البلد :( ٦ ) يقول أهلكت مالا.....
ثم أخبر سبحانه عن مقال هذا الإنسان فقال ) يقول أهلكت مالا لبدا ( أي كثيرا مجتمعا بعضه على بعض قال الليث مال لبد لا يخاف فناؤه م كثرته قال الكلبي ومقاتل يقول أهلكت في عداوة محمد مالا كثيرا وقال مقاتل نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل أذنب فاستفتى النبي صلى الله عليه واله وسلم فأمره أن يكفر فقال لقد ذهب مالي في