"""""" صفحة رقم ٧١ """"""
ق :( ١ ) ق والقرآن المجيد
قوله ( ق والقرآن المجيد ) الكلام في إعراب هذا كالكلام الذي قدمنا في قوله ص والقرآن ذي الذكر وفي قوله حم والكتاب المبين واختلف في معنى ق فقال الواحدى قال المفسرون هو اسم جبل يحيط بالدنيا من زبر جد والسماء مقببة عليه وهو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة قال الفراء كان يجب على هذا أن يظهر الإعراب في ق لأنه اسم وليس بهجاء قال ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه كقول القائل قلت لها قفي فقالت قاف أي أنا واقفة وحكى الفراء والزجاج أن قوما قالوا معنى ق قضي الأمر وقضى ما هو كائن كما قيل في حم حم الأمر وقيل هو اسم من أسماء الله أقسم به وقال قتادة هو اسم من أسماء القرآن وقال الشعبي فاتحة السورة وقال أبو بكر الوراق معناه قف عند أمرنا ونهينا ولا تعدهما وقيل غير ذلك مما هو أضعف منه والحق أنه من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه كما حققنا ذلك في فاتحة سورة البقرة ومعني المجيد أنه ذو مجد وشرف على سائر الكتب المنزلة وقال الحسن الكريم وقيل الرفيع القدر وقيل الكبير القدر
ق :( ٢ ) بل عجبوا أن.....
وجواب القسم قال الكوفيون هو قوله ( بل عجبوا ) وقال الأخفش جوابه محذوف كأنه قال ق والقرآن المجيد لتبعثن
ق :( ٣ ) أئذا متنا وكنا.....
يدل عليه ( أئذا متنا وكنا ترابا ) وقال ابن كيسان جوابه ما يلفظ من قول وقيل هو قد علمنا ما تنقص الأرض منهم بتقدير اللام أي لقد علمنا وقيل هو محذوف وتقديره أنزلناه إليك لتنذر كأنه قيل ق والقرآن المجيد أنزلناه إليك لتنذر به الناس قرأ الجمهور قاف بالسكون وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق ونصر بن عاصم بكسر الفاء وقرأ عيسى الثقفي بفتح الفاء وقرأ هارون ومحمد بن السميفع بالضم ( بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم ) بل للإضراب عن الجواب على اختلاف الأقوال وأن في موضع نصب على تقدير لأن جاءهم والمعنى بل عجب الكفار لأن جاءهم منذر منهم وهو محمد ( ﷺ ) ولم يكتفوا بمجرد الشك والرد بل جعلوا ذلك من الأمور العجيبة وقيل هو إضراب عن وصف القرآن بكونه مجيدا وقد تقدم تفسير هذا في سورة ص ثم فسر ما حكاه عنهم من كونهم عجبوا بقوله ( فقال الكافرون هذا شيء عجيب ) وفيه زيادة تصريح وإيضاح قال قتادة عجبهم أن دعوا إلى إله واحد وقيل تعجبهم من البعث فيكون لفظ هذا إشارة إلى مبهم يفسره ما بعده من قوله ( أئذا متنا ) الخ والأول أولى قال الرازي الظاهر أن قولهم هذا إشارة إلى مجيء المنذر ثم قالوا ( أئذا متنا ) وأيضا قد وجد ها هنا بعد الاستبعاد بالاستفهام أمر يؤدي معنى التعجب وهو قولهم ( ذلك رجع بعيد ) فإنه استبعاد وهو كالتعجب فلو كان التعجب بقولهم ( هذا شيء عجيب ) عائدا إلى قولهم أئذا لكان كالتكرار فإن قيل التكرار الصريح يلزم من قولك هذا شيء عجيب أنه يعود إلى مجيء المنذر فإن تعجبهم منه علم من قولهم وعجبوا أن جاءهم فقوله ( هذا شيء عجيب ) يكون تكرارا فنقول ذلك ليس بتكرار بل هو تقرير لأنه لما قال بل عجبوا بصيغة الفعل وجاز أن يتعجب الإنسان مما لا يكون عجبا كقوله أتعجبين من أمر الله ويقال في العرف لا وجه لتعجبك مما ليس بعجب فكأنهم لما عجبوا قيل لهم لا معنى لتعجبكم فقالوا ( هذا شيء عجيب ) فكيف لا نعجب منه ويدل على ذلك قوله هاهنا ( فقال الكافرون ) بالفاء فإنها تدل على أنه مترتب على ما تقدم قرأ الجمهور أئذا متنا بالاستفهام وقرأ بن عامر في رواية عنه وأبو جعفر والأعمش والأعرج بهمزة واحدة فيحتمل الاستفهام كقراءة الجمهور وهمزة الاستفهام مقدرة ويحتمل أن معناه الإخبار والعامل في الظرف مقدر أي أيبعثنا أو أنرجع إذا متنا لدلالة ما بعده عليه هذا على قراءة الجمهور وأما على القراءة الثانية فجواب إذا محذوف أي رجعنا وقيل ذلك رجع والمعنى استنكارهم للبعث بعد موتهم ومصيرهم ترابا ثم جزموا باستبعادهم للبعث فقالوا ( ذلك ) أي البعث ( رجع بعيد ) أي بعيد عن العقول أو الأفهام أو العادة أو الإمكان