ثانيًا: كثرة الأسماء والصفات وقلتها، ودلالات ذلك:
إن الأسماء والصفات تكون من الكثرة والقلة بقدر ما للموصوف بها من رفعة المكانة وسموها، أو ضعة المنزلة وانحطاطها، فإن بعض الموجودات ليس له من الأسماء والصفات إلا القدر الذى يبين عن وجوده فقط ويميزه عن غيره، وذلك لتفاهة شأنه، وضعف تأثيره فيما حوله. وبعض الموجودات يكون له من كثرة الأسماء والصفات ما يدلُّ على المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة، والمرتبة العالية، وما يدل على مدى تأثيره فيما حوله وسلطانه، بل وتسلطه عليه، وتأثر ما سواه به وخضوعه له.
لا غرو أن لله - عز وجل - من الأسماء ما لا يحصيه عدًّا، ولا يحيط به كمالًا إلا هو - سبحانه وتعالى - ويعجز الخلق عن الإحاطة بشئ من ذلك، ولعل هذا بعض المعاني الشريفة التى أشار إليها قول الرسول < وهو يخاطب ربه: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» (١).
وصدق رسول الله < فما من أحد لديه المقدرة على إحصاء كمالات الله - عز وجل - كي يضع من الثناء ما يتناسب معها، ولا يحيط بذلك إلا الله - سبحانه وتعالى - وحده، فله - سبحانه - الكمال المطلق، وله من الأسماء والصفات ما يتناسب مع أصل الكمال، وأساس الجمال والجلال - سبحانه وتعالى -.
ثالثًا: مقتضي الأسماء والصفات:

(١) رواه مسلم (١١١٨)


الصفحة التالية
Icon