فالبوذية لهم إله يعبدونه، والهنادكة كذلك، واليهود والنصارى وغير هؤلاء من عباد الأوثان والأصنام، كل منهم له إله يعبده، وهو لا يعبد عدمًا، بل يعبد إلهًا يعتقده موجودًا، ولا يتحقق وجوده إلا وله أسماء وصفات.
فإذا ما سألنا (البوذي) عن صفات إلهه فسنعرف أنه كان بشرًا وأنه ولد من رجل وامرأة، وعاش يأكل ويشرب ويصح ويمرض، ثم إنه مات، وهكذا عن طريق الأسماء والصفات يمكن منذ الوهلة الأولى ودون عناء كبير أن نعرف بطلان القضية كلها، وأن دعوى الألوهية في هذه الديانة دعوى زائفة باطلة، وأن إلههم الذى ظلوا عليه عاكفين هو مجرد زيف وبهتان لا وجود له إلا في مخيلاتهم وإنما أدركنا ذلك من معرفتنا بأسماء وصفات إلههم (بوذا).
وإذا انتقلنا إلى (اليهودي) وسألناه عن إلهه ن فسيزعم أن الإله قديم لا بداية له، وهذا حق، وأنه خلق الوجود كله من العدم بكلمة (كن) أو (فليكن) وهذا حق، وأنه المحيى المميت الخالق الرازق، وهذا حق ثم يزعم أن الإله يسهو، وينسي، ويتمثل في صورة البشر ويصارعه (يعقوب) فيتغلب عليه، ولا يستطيع أن يخلص نفسه من يدي (يعقوب) حتى يتوسل إليه ويمنحه النبوة التى هى من حق أخيه (العيص) أو (عيسو) وعندما نقرأ هذا في (سفر التكوين) عندهم وهو سفر الأسفار في توراتهم التى وضعوها هم ونسبوها إلى (موسى) ÷ حين نقرأ ذلك، وننظر في تلك الصفات التي يعتقدونها في إلههم، وندرك ما عليه القوم من ضلال وبهتان، وأن إلهًا له مثل هذه الأسماء والصفات لا يمكن أن يكون موجودًا إلا في أخيلتهم المريضة وإذا وجد من له تلك الأسماء والصفات فلا يمكن أن يكون إلهًا.
وإنما أدركنا ذلك وعرفناه، ليس لأننا رأينا ذلك الإله أو تحدثنا إليه وناقشناه أو شاهدناه طولًا وعرضًا، ولكن لمجرد أننا عرفنا أسماءه وصفاته - أو بعضها - التى يعتقدها المتدينون به، ويثبتونها له.