ولقد حاول بعض العلماء التماس الحكمة في حصر الثواب بالعدد (٩٩) فذكر بعضهم أن هذا إشارة إلى أن أسماء الله لا تؤخذ بالقياس.
وقال بعضهم: إن هذا لا يعقل معناه، وقال بعضهم: إن معاني الأسماء موجودة في هذه التسعة والتسعين، وقال آخرون: إن هذا إشارة إلى تفرد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، إذ أن الأعداد إما فرد، وإما زوج وقد حكاها ابن حجر العسقلاني -: - في (فتح الباري) (١)، والبريكان في (القواعد الكلية في الأسماء والصفات) (٢).
والحق عندي أن هذه التأويلات فيها ضرب من التكلف، وليس عليه دليل، ولم يرد عن الأئمة المعتبرين، وتفويض العلم فيها إلى الله أسلم وأحكم.
مسألة: يجب أن يتضح أمران في عدِّ الأسماء الحسنى:
١- الأسماء المشتقة من صفة واحدة، لا تعد كلها اسمًا واحدًا، بل كل صيغة من صيغ الاسم يعد اسمًا مستقلًا، فصفة (القدرة)، اشتق منها عدة أسماء، مثل (القادر) (القدير) (المقتدر). وصفة (العلو) اشتق منها أسماء مثل (العلي)، (الأعلى)، (المتعال)، وكذلك صفة (الكرم) اشتق منها أسماء مثل (الكريم)، (الأكرم) إلخ فالقادر اسم، والقدير اسم، والمقتدر اسم، مع أنها كلها مشتقة من صفة واحدة، لأن بعضها يزيد بخصوصية عن الآخر، وقد وقع الاتفاق على أن اسمي (الرحمن)، و (الرحيم) اسمان، مع كونهما مشتقين من صفة واحدة، فتغير مباني وألفاظ الأسماء يغير المعنى، وإذا تغير المعنى صار اسمًا مستقلًا بذاته.

(١) انظر: (١١/٢٢٥).
(٢) انظر: ص٧٦.


الصفحة التالية
Icon