خامسًا: إحصاء الأسماء الحسنى:
إن العلم بأسماء الله - سبحانه وتعالى - وإحصاءها أصل لسائر العلوم، فمن أحصي أسماء الله كما ينبغي للمخلوق فقد أحصى جميع العلوم، إذ إحصاء أسمائه سبحانه أصل لإحصاء كل معلوم، لأن المعلومات هى مقتضاها ومرتبطة بها، وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى، ولهذا لا تجد فيها خللًا ولا تفاوتًا، لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته، وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم، فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت (١). والإحصاء للأسماء الحسنى ثوابه الجنة ن كما قال المصطفى <: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً غَيْرَ وَاحِدٍ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
واختلفت عبارات العلماء في تحديد معنى الإحصاء، وقد حكاها الخطابي -: - في شأن الدعاء (٢)، وهى:
١- المراد بالإحصاء: العدّ حتى تُستوفى حفظًا، ثم يدعى بها.
واستدل القائلون بهذا القول بالرواية الثانية للحديث، وهى قوله<: «لاَ يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ» (٣) قالوا وهذا نص في الخبر بمعنى الإحصاء أنه الحفظ. ومال إلى هذا القول: الإمام الخطابي، والإمام النووي (٤).
٢- المراد بالإحصاء: الإطاقة، كقوله تعالى: ﴿عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ﴾ المزمل /٢٠، أي لن تطيقوه، لقوله <: «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا...» (٥). أي: لن

(١) بدائع الفوائد (١/١٦٣).
(٢) ص٢٦ -٣٠
(٣) سبق تخريجه.
(٤) انظر: شأن الدعاء ص٢٦، الأذكار للنووي ص٨٥.
(٥) أخرجه ابن ماجه (٢٧٧).


الصفحة التالية
Icon