فيحصل بجمعها وحفظها والسؤال بها، ولو شارك المؤمن غيره في العد والحفظ فإن المؤمن يمتاز عنه بالإيمان والعمل بها " (١) وعليه، فإنه ليس معنى إحصائها هو أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ فقط، فإن هذا قد يستوي فيه البر والفاجر، والمؤمن والمنافق.
إن من قال بأن معنى الإحصاء هو الحفظ، أو الإطاقة، أو العقل والفهم إنما ذكر بعض معنى الإحصاء، واكتفى بالجزء عن الكل، أما القول الصواب فهو مجموع تلك المعاني، كما ذكره الإمام ابن القيم وابن بطال- رحمهما الله - والله أعلم.
سادسًا: فهم معاني الأسماء الحسنى والإيمان بآثارها:
إن فهم معاني أسماء الله الحسنى داخل في معنى إحصاء الأسماء الحسنى، ولا يكفي في فهمها الإيمان المجمل بأن للأسماء معاني معلومة وواضحة، وأن لكل اسم معنى يخصه غير الاسم الآخر، وأن للاسم معنى زائدًا على معنى الذات فقط، بل فهم معاني الأسماء الحسنى المتضمن إحصاءها يقتضي أن يفهم المحصي للأسماء معاني الأسماء الحسنى كلها التى أحصاها اسمًا اسمًا.
فمثلًا: يثبت المحصي للأسماء الحسنى اسم (اللطيف)، ويفهم معناه وهو: الذى لطف علمه حتى أدرك الخفايا والخبايا، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور، ولطف بأوليائه وأصفيائه، فيسر لهم اليسرى وجنبهم العسرى، وسهل لهم كل طريق يوصل إلى مرضاته، وحفظهم من كل سبب يوصل إلى سخطه.

(١) فتح الباري (١٣/٣٩٠).


الصفحة التالية
Icon