الأخيرة من سورة البقرة يقول الله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ البقرة/٢٨٥.
فقد أوردت الآية الكريمة أربعة من أسس العقيدة الستة وضمنتها الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر. فإن المؤمن بالكتب والرسل سيجد القرآن المجيد قد نصَّ على الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر، وكذلك جرى على لسان الرسول - ﷺ - في مواطن لا تكاد تحصي وهذه العقيدة هى القاسم المشترك بين رسالات الله كلها فإن الله - سبحانه وتعالى - قد أنزل على الخلق دينًا واحدًا هو الإسلام وفي هذا يقول - سبحانه وتعالى - ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾ آل عمران/١٩.
في إطار هذا الدين الواحد بعث الله - سبحانه وتعالى - رسلًا كثيرين، وأنزل عليهم كتبًا كثيرة، كل هؤلاء الرسل جاءوا مسلمين يدعون إلى الإسلام. فالإسلام هو دين الله الحق من يوم أن خلق الأرض ومن عليها حتى يرثها ومن عليها.
وجميع رسل الله الذين يعثهم الله - سبحانه وتعالى - بهذا الدين الواحد جاءوا بعقيدة واحدة، وإن اختلفت رسالاتهم في بعض فروع الشريعة، مراعاة لظروف الأقوام الذين أرسل إليهم كل منهم، ومراعاة لترقي البشرية وتطورها ما بين رسالة ورسالة، فالعقيدة واحدة عند الجميع.
ولذلك قلنا: إن العقيدة هى القاسم المشترك بين رسالات الله كلها، يقول الله - عز وجل - مشيرًا إلى وحدة الدين ووحدة العقيدة ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ الشورى/١٣.
وأما الاختلاف بين الرسالات في بعض فروع الشريعة فيقول الله - سبحانه وتعالى - موضحا إياه: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً﴾ المائدة/٤٨.
والعقيدة الإسلامية تقوم على الإيمان بالغيب، لأن الأسس التى تقوم عليها العقيدة كلها غيب، بمعنى أنها مغيبة عن الإدراكات الحسية المادية فلا


الصفحة التالية
Icon