يمكن للإنسان أن يدركها بحسه المحدود، ولا بآلة من الآلات التى تساعد الحس على إدراك بعض ما غاب عنه كمجهرات الصوت، أو مجهرات الأجسام الدقيقة أو مقربات الأجرام البعيدة.
فالإيمان بالغيب هو أساس العقيدة، والمؤمنون بالغيب لهم عند الله مغفرة وأجر كبير. يقول الله - سبحانه وتعالى - في وصف المتقين: ﴿الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ البقرة/١-٣.
وإذا كانت العقيدة الإسلامية تقوم على الإيمان بالغيب، فيحسن أن نتحدث عن الإيمان، ثم عن الغيب.
ثانيا الإيمان:
الإيمان هو التصديق اليقيني القطعي الثابت الذى لا يداخله الشك ولا يقبل الارتياب. وهذا الإيمان لا يعني التصديق العقلي فقط فإن التصديق العقلي لا يتوافر فيها الثابت المطلق أو اليقين، ولكنه عرضة للرد كما هو عرضه للقبول، ولذلك كان التصديق العقلي فقط لا يسمى إيمانًا. أما الإيمان فهو تصديق بالعقل والقلب جميعا، ورسوخ التصديق في القلب هو الذى يضمن له اليقين، ويوفر له الثبات، ومن ثمَّ يتحقق كونه إيمانًا وهذا يعني أن الإيمان لا يقف عند حدود العقل، كالأخبار المتصلة بمشاكل الحياة اليومية، والتي هى عرضة للرد مثلما هى عرضة للقبول. وكذلك لا يقتصر الإيمان على التصديق القلبي دونما دليل صادق من العقل، أو من بصيرة هادية من الفكر. ولكن الإيمان معنى يتضافر في تكوينه وتحقيقه العقل والقلب جميعًا، فالعقل يتلقى الخبر، ثم يمحصه ويزنه، فإذا اقتنع به، ووصل إلى مرحلة اليقين، انتقل إلى محل اليقين من القلب.