الأديان الأُخرى، فهى في الإسلام لا ترهق العقل ولا القلب، ولا تقلق النفس أو الضمير، فليس في الإسلام غيبيات تناقض العقل، أو تخالف المنطق، أو تحيك في الصدر أو تزعج النفس والضمير وإنما الغيبيات في الإسلام يرتاح إليها العقل والقلب جميعًا، وتسكن في رحابها النفس والضمير معًا، وتكاد الغيبيات - من اطمئنان القلب والعقل إليها وسكون النفس والضمير معها - أن تخرج من دائرة المغيبات إلى عالم الحس والمشاهدة.
أما في الأديان الأخرى، فإن الغيبيات فيها تخالف العقل، وتهزأ بالمنطق، وتمزق النفس وتصيبها بما يشبه داء (الفصام) ودونما تمثيل فإنما يكفي أن تنظر في عقائد أصحاب النِّحل لتجد عجبًا. فمن إله يبكي ويندم ويصارع عبدًا من خلقه فيصرعه العبد. إلى إله هو ثلاثة وهو واحد، ثلثه يتجسد بشرًا ثم يموت ويدفن، فلا يبقى من الإله المثلث سوى ثلثيه. إلى إله هو بقرة تخور أو قطة تموء، أو ثعبان يتلوى إلى غير ذلك، مما يشير إلى مرض لا ينفع معه طب، ولا يجدي في علاجه دواء.
رابعًا: الغيب المطلق، والغيب النسبي:
ونعني بالغيب المطلق ما كان غيبًا بالنسبة إلى جميع الخلق من جنًّ وإنسٍ ومَلَكٍ. ونعني بالغيب النسبي ما كان غيبًا بالنسبة إلى البعض وليس غيبًا إلى آخرين، ولو كان هؤلاء الآخرون متمثلين في شخص واحد، وكذلك يدخل في باب الغيب النسبي ما كان غيبًا في بعض أحواله، وليس غيبًا في أحوال أخرى، فهذا من شأنه أن تخرج به عن الغيب المطلق إلى الغيب النسبي.
والغيب المطلق واحد، هو ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى -، فالله - جل وعلا - غيبٌ مطلق بمعنى أنه - - سبحانه وتعالى - - لم يخرج عن الغيب أو يتجرد عن الخفاء فلم يدركه أو يره