ومثل ذلك يقال في القدر: فإن الشرع الشريف كتابًا وسنة قد أخبرنا عن أقدار كثيرة هى في عالم الغيب لكن ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - أخبرنا عنها في كتابه أو على لسان رسوله - ﷺ -، فأخرجها من عالم الغيب إلى عالم الشهادة.
وذلك كالعشرة المبشَّرين بالجنة، فإن ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - قد أخبرنا عن قدره فيهم وأخطر ما في أقدار ﴿الله﴾ في الناس خاتمتهم، وقد أخبرنا ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - عن خاتمة هؤلاء السعداء، وأنهم في الجنة بفضل الله - سبحانه وتعالى -، وبذلك كشف لنا عن جانب من القدر الذى هو غيب، كذلك أخبرنا القرآن عن قدر ﴿الله﴾ في (أبي لهب)، وفي امرأته حمالة الحطب، وأخبرناالشرع الشريف عن قدر ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - في شهداء المسلمين في بدر وأحدٍ وغيرهما، وكما أخبرنا عن قدره في قتلى المشركين في المعارك التى خاضوها ضد المسلمين ورسول الله - ﷺ -.
من أجل ذلك كان القدر غيبًا، لكنه ليس مطلقا حيث اخفى الله - سبحانه وتعالى - عنا ما شاء إخفاءه وكشف لنا منه ما شاء أن يكشف.
اتضح لنا مما تقدم أن العقيدة تقوم على الإيمان بالأسس الستة وأن هذه الأسس كلها غيب، لكنها ليست على درجة واحدة من الغيب فمنها الغيب المطلق، وهو الله - سبحانه وتعالى -. ومنها الغيب النسبي وهى بقية الأسس.