٤- علاقة الحفظ والإمساك والإبقاء:
إن ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - حين يخلق الأشياء لا يتركها كما قد يسبق إلى الوهم، ولكن ﴿لله﴾ - سبحانه وتعالى - يخلق الأشياء ثم يحفظها، أي يحفظ عليها خلقها الذى خلقها عليه. فالأشياء كانت عدمًا محضًا، و ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - أوجدها من هذا العدم، فالوجود ليس من طبيعتها ولا هو أصل فيها، فهى حين توجد تحتاج إلى من يحفظ عليها تلك الحال الطارئة التى هى الوجود.
والعالم حين يخلقه ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - يكون بحاجة إلى أن يحفظ ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - عليه ذلك الخلق، أي يحفظه على حاله من الوجود ن لأن العالم لا يستطيع أن يحتفظ بوجوده إلا بحفظ ﴿الله﴾ إياه، ولو فرض أن شيئًا أوجده ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - ثم لم يحفظه، فإن ذلك الشئ يعود إلى أصله الذى كان عليه قبل أن يخلقه ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - فيهوي في هوة العدم، ويذهب من حيث جاء، لأن الوجود ليس أصلًا في الأشياء، بل هى في أصلها كانت عدمًا، والوجود طارئ.
وذلك كما إذا رفع الإنسان بيده جسمًا ثقيلًا عن الأرض، إلى أعلى مترًا أو مترين، فإن ذلك الجسم الثقيل يظل مرفوعًا عن الأرض ما دامت يد الإنسان ممسكة به، حافظة إياه من السقوط، فإذا ما تركته يد حامله، فإنه يهوي إلى أصله الذي كان عليه قبل أن يرفعه حامله.
ومحال أن يظل معلقًا في الهواء دون يد تحفظه. وكذلك الموجودات، أخرجه ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - من العدم، فهى تظل على وجودها ما دامت قدرة الله تمسك بها وتحفظها، فإذا ما سلب ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - حفظه عنها فإنها تذهب إلى أصلها الذى كانت عليه قبل، فتفنى وكأن شيئًا لم يكن.
وهذا ما توضحه الآية الكريمة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ فاطر/٤١، أي أن ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - يمسك السماوات والأرض حتى لا تزولا وتفنيا، وإن ترك ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - إمساكها


الصفحة التالية
Icon