﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - خلق القوانين والنواميس ليخضع الخلق لها، لا ليخضع هو لها جل الله عن ذلك وتعالى علوًا كبيرًا.
إن ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - قد جرت حكمته أن يسخر ما يشاء من الموجودات لما يشاء من الأحداث والأفعال، يستوي في ذلك الجماد والنبات، والحيوان، والإنس، الجن والملائكة. فقد سخر ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - الماء وجعله مادة الحياة والأحياء. يقول - سبحانه وتعالى -: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ﴾ الأنبياء/٣٠.
ويقول ﴿اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ النور/٤٥، وسخر ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - الأرض، لتنبت الزرع، وسخر النبات، ليكون غذاء للحيوان، وسخر الإنسان، ليعمر الكون، ويكون عبدًا طائعا لله رب العالمين. يقول الله عز وجل ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ الذاريات/٥٦، وقد اقتضت حكمة ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - أن يسخر رسله ليكونوا سفراء بينه وبين الناس، يبلغونهم رسالاته وينذرونهم لقاءه كما سخر ملائكته ليكون منهم سفير الوحي بين ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - وأنبيائه - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - ويكون منهم كتبة الأعمال، وقبضة الأرواح، وخزنة الجنة وخزنة النار، ونافخ الصور، ونفخه الأرواح في الأجنة ن إلي غير ذلك من الوظائف والأعمال التى شاء ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - أن يسخر للقيام بها بعض خلقه من الملائكة ولقد ضل أناس ظنوا أن الملائكة المسخرين بالقيام ببعض الأعمال من قبل ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - إنما يقومون بذلك من تلقاء أنفسهم، وأنهم مطلقوا الأيدي يفعلون ما يشاءون وأنه لا سلطان لله - تعالى - فيما يفعلون - جل وعلا الله وتعالى عما يقولون - وبذلك أفضي بهم ضلالهم وذيغهم إلى القول بالوسائط الذين هم بين العالم الأرضي الذي نعيش فيه، وخالقه أصناف شتى، منهم الفلاسفة الذين يقولون بالعقول المجردات التي انبثقت عن المبدأ الأول - بزعمهم -، أو صدرت عنه كما تصدر الحرارة عن النار أو الضوء عن الشمس دون علم منه أو إرادة - جل الله- عما يقولون.