فأمَّا عدم التصريح، بأنه من القرآن، فإنه كان اعتمادًا على قرائن الأحوال؛ إذكان يملي على الكاتب مع القرآن، وكان رسول الله - ﷺ - في أثناء إملائه، لايكرر مع كل كلمة وآية أنها من القرآن؛ بل كان جلوسه له وقرائن أحواله تدل عليه، وكان يعرف كل ذلك قطعاً (١).
وأمَّا ما نقل عن القاضي الباقلاني، من قوله بتخطئة مخالفه، فقد أجاب عنه الغزالي بقوله: والجواب: أنّا نقول: لا وجه لقطع القاضي بتخطئة الشافعي: ؛ لأن إلحاق ما ليس بقرآن بالقرآن كفر، كما أنه من ألْحق القنوت، أو التشهد أو التعوذ بالقرآن، فقد كفر، فمن ألحق البسملة لم لا يكفر؟ (٢).
قلتُ: معنى هذا: أن الخطأ والكفر متلازمان، وقد انتفى الكفر بالإجماع، فلينتف القطع بالخطأ.
وأمَّا ما نسب للباقلاني، من القول بالتفسيق، فلم يثبت عنه ذلك، كما صرح به ابن السبكي، فيما سبق. ولم أقف عليه في الانتصار.
القول الثاني: أنّ المسألة ظنية، فهي من موارد الاجتهاد والنظر، وليست بقطعية وهذا قول جمهور العلماء، ومنهم الغزالي، والآمدي، والقرطبي، وابن تيمية، وابن السبكي (٣).
قال الغزالي: إن قيل: فالمسألة صارت نظرية، وخرجت عن أن تكون معلومة، بالتواتر علماً ً ضروريا، فهي قطعية أو ظنية؟.
قلنا: الإنصاف أنها ليست قطعية؛ بل اجتهادية (٤).

(١) المستصفى ١٠٣ / ١.
(٢) المستصفى. ١٠٣ / ١
(٣) انظر المستصفي ١/ ١٠٤، والأحكام ١/ ١٦٤، والجانع لأحكام القرآن ١/ ١٣٢، ورفع الحاجب ١/٨٧، ومجموع الفتاوى ١٣/ ٣٩٩.
(٤) المستصفى. ١٠٤ / ١


الصفحة التالية
Icon