وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وسواء قيل: بالقطع في النفي، أو الإثبات، فذلك لايمنع كونها من موارد الاجتهاد، التي لا تكفير، ولا تفسيق فيها، للنافي ولا للمثبت (١).
وقال في موضع آخر: فالنِّزَاع فيها من مسائل الاجتهاد، فمن قال: هي من القرآن حيث كتبت، أو قال: ليست هي من القرآن، إلاَّ في سورة النمل، كان قوله من الأقوال التي ساغ فيها الاجتهاد (٢).
وقال ابن السبكي: وأمَّا كونها من أوائل السور، أو آية مستقلة، إلى غير ذلك فأمر اجتهادي (٣).
ثم قال: وذهاب القاضي أبي بكر، إلى أنها قطعية ضعيف. والإنصاف: أنها ظنية (٤).
وقال القرطبي: وهذا يدل على أنّ المسألة اجتهادية، لا قطعية، كما ظنه بعض الجهال، من المتفقهة، الذي يلزم على قوله تكفير المسلمين، وليس كما ظن (٥).
ولأصحاب هذا القول أدلة، منها ما يلي:
أولاً: أنّ الاجتهاد، إنَّمَا هو في تعيين موضع هذه الآية، من القرآن الكريم، وأنه مرة واحدة فقط، أو مرات، وهذا أمر سائغ. ودليله: أنّ المثبت لم يكفر النافي، والنافي لم يكفر المثبت لها، بخلاف التعوذ، فمتى أنصفنا، وجدنا أنفسنا شاكين في مسألة البسملة، قاطعين في مسألة التعوذ، هذا ما ذكره كل من الغزالي والآمدي (٦).
(٢) مجموع الفتاوى. ٣٩٩ / ١٣
(٣) رفع الحاجب. ٨٧ / ١
(٤) المرجع السابق، نفس الجزء ص. ٨٩
(٥) الجامع لأحكام القرآن. ١٣٢ / ١
(٦) انظر: المستصفى ١٠٤ / ١، الإحكام ١٦٤ / ١،.