وجه الدلالة: دلّ الحديث على أنّ البسملة: ليست آية من أول السورة، وإلاَّ لكانت إحدى وثلاثين آية، وقد اتفق القراء وغيرهم، على أنها ثلاثون آية، غير البسملة فثبت المطلوب (١).
واعترض على هذا الاستدلال بما يلي:
أولاً: أنّ البسملة مع ما بعدها آية، من أول كل سورة، ٍ فلا إشكال حينئذ (٢).
وأُجيب: أنّ هذا لايستقيم على الصحيح من مذهبكم؛ وهو: أنها آية مستقلة بنفسها.
ثانيًا: سلمنا ما ذكرتم، فالعد محمول على ما يخص السورة، أمَّا البسملة فغير مختصة بهذه السورة؛ بل هي كالشيء المشترك فيه بين جميع السور، ولهذا لم تعد (٣).
ثالثًا: ويحتمل أن يكون تركهم لعدها، لوضوحها وشهرتها عندهم - كما ترك ابن مسعود - رضي الله عنه - إثبات المعوذتين في مصحفه (٤) لشهرتهما بخلافها في سورة النمل لأنّ ما قبلها وما بعدها تتمة لها (٥).
ويُمكن الجواب عن هذين الاعتراضين: بأنه يلزمكم أن تقولوا في الفاتحة: إنها ست آيات، لا سبع آيات، وهو باطل، فبطل ما ذكرتم من الاعتراضين (٦).

(١) انظر الدليل ووجه الدلالة منه في: أحكام القرآن ١١ / ١، والانتصار ١/ ٢٦٣، والمغني. ١٥٣ / انظر: البرهان الكاشف عن
(٢) إعجاز القرآن ص ٧٣، والتفسير الكبير ٢٠٨ / ١، والمجموع شرح المهذب ٣/٣٣٩.
(٣) انظر: البرهان الكاشف عن اعجاز القرآن الموضع السابق ٠
(٤) الأثر أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده في كتاب: فضائل القرآن رقم ((١٠٢٦١ بلفظ: حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين قال: كان ابن مسعود لا يكتب المعوذتين. وأما التنصيص على أنه تركهما لشهرتهما فهذا لم أقف عليه ٠ والله أعلم
(٥) انظر: أحكام القرآن ١١ / ١، والبرهان الكاشف عن إعجاز القرآن، الموضع السابق.
(٦) انظر: أحكام القرآن، الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon