رابعًا: يحتمل أن يكون الحديث قد ورد عن النبي - ﷺ - قبل نزول البسملة، فلما نزلت، أضيفت إلى السورة، بدليل كتابتها في المصحف.
ويؤيد هذا التأويل: أن راوي الحديث؛ وهو أبو هريرة - رضي الله عنه - يثبتها، فيكون أعلم بتأويله من غيره (١).
ويُمكن الجواب: بأن مذهب القوم الأخذ برواية أبي هريرة، لا بفعله، كما حصل في حديث (غسل الإناء من ولوغ الكلب (فكيف العدول هنا (٢).
الدليل الرابع: ما أورده أبوبكر الرازي بسنده أن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قلتُ لعثمان بن عفان - رضي الله عنه - ما حملكم على أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموها في السبع الطوال، ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال عثمان: كان النبي - ﷺ - لما يَنْزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب له، فيقول: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، ويَنْزل عليه الآية والآيتان، فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما نزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطوال، ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم (٣).
وجه الدلالة: قال الجصاص بعد أن ساق الأثر: فأخبر عثمان أن بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن من السورة، وأنه كان يكتبها في فصل السورة بينها وبين غيرها لاغير (٤).

(١) انظر: المجموع شرح المهذب. ٣٤٠ / ٣
(٢) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي. ١٨٥ / ٣
(٣) الأثر أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: من جهر ببسم الله الرحمن الرحيم. ٤٩٨ / ١ وأخرجه الترمذي في كتاب: التفسير، باب: ومن سورة التوبة ٢٧٣ - ٢٧٢ / ٥ وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٤) الدليل ووجه الدلالة منه في: أحكام القرآن. ١٠ / ١


الصفحة التالية
Icon