الدليل الخامس: إجماع العلماء؛ من الفقهاء، وقراء الأمصار، وغيرهم على أن سورة الكوثر ثلاث آيات، وسورة الإخلاص أربع آيات، فلو كانت بسم الله الرحمن الرحيم من السورة، لكانت سورة الكوثر أر بعًا، وسورة الإخلاص خمسًا (١).
فإن قيل: إَّنما لم يعدوا البسملة، وعدوا سواها؛ لأنه لا إشكال فيها عندهم (٢).
قلنا: لو كان الأمر كذلك، لما جاز لهم أن يقولوا: سورة الكوثر ثلاث آيات، وسورة الإخلاص أربع آيات؛ لأنّ الثلاث، والأربع بعض السورة، ويجب أيضًا على هذا أن يقولوا: إن الفاتحة ست آيات، لا سبع (٣).
الدليل السادس: لو كانت البسملة من أوائل سور القرآن، بما فيها الفاتحة، لعرف ذلك كافة الناس، ولم يحصل فيه خلاف؛ لأنّ مواضع الآيات، تجري مجرى الآيات أنفسها، في أنها لا تثبت إلاَّ بالنقل المتواتر، فلما لم ينقل ذلك بطريق التواتر، لم يجز إثبات أنها آية من أول كل سورة (٤).
واعترض على هذا: بأن جميع ما في المصحف، قد نقل إلينا على أنه القرآن، بهذا النظام والترتيب، وهذا كاف في إثبات أنها من السور، في مواضعها المذكورة في المصحف (٥).
وأُجيب: أنّ المنقول إلينا كتابتها في أوائل السور، ولم ينقل إلينا أنها من السور، والخلاف بيننا؛ إنَّمَا هو في كونها من السور المكتوبة في أوائلها، ونحن لاننكر كونها من القرآن، بل نقول هي منه في هذه المواضع، لكن ليست من نفس السورة المكتوبة معها، فإيصالها بالسورة في الكتابة، وقراءتها معها، لايوجب أن تكون منها؛ فالقرآن كله متصل بعضه، ولا يلزم من ذلك، أن يكون كله سورة واحدة (٦).

(١) انظر: المرجع السابق، نفس الجزء ص ١١ والانتصار ٢٦٣ / ١، والمغني. ١٥٣ / ٢
(٢) انظر: أحكام القرآن. ١١ / ١
(٣) انظر: المرجع السابق، نفس الموضع.
(٤) انظر: أحكام القرآن ١٠ / ١، والمغني. ١٥٣ / ٢
(٥) انظر: أحكام القرآن السابق، وتيسير التحرير. ٧ / ٢
(٦) انظر: أحكام القرآن، الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon