الدليل الأول: أنّ البسملة قد كتبت في أوائل السور بنفس خط المصحف، بأمر رسول الله - ﷺ -، وبنفس مِداده؛ وهو المداد الأسود، ولم ينكر أحد من الصحابة، ذلك مع شدة تحرزهم في صيانة القرآن عما ليس منه، حتى أنهم كرهوا وأنكروا على من أثبت تراجم السور، والتعاشير، والنقط، ولم يثبتوا آمين، وذلك يفيد أنها حيث كتبت مع القرآن بخطه فهي منه، وإلَّا لكان الصحابة مغررين بالناس حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآ نًا، وهذا مِمَّا لايجوز اعتقاده في صحابة رسول الله - ﷺ -.
قال النووي: قال أصحابنا هذا أقوى أدلتنا في إثباتها (١).
وقال الزركشي: وهو أحسن الأدلة (٢).
واعترض على هذا الدليل من قبل ابن الحاجب: أنه دليل ظني، ولايفيد في مقابلة القطعي؛ وهو أنها لو كانت قرآ نًا لتواترت (٣).
وأجاب العضد عنه: بمنع كونه ظنيًا بل هو قطعي؛ لأن العادة تقضي في مثله بعدم الاتفاق، فكان لايكتبها بعض ولو نادر، ولاينكر على كاتبها ولو نادر (٤).
واعترض: بأن تلك العادة قد عارضتها مثلها وهي: أنّ البسملة في الشريعة شعار الفصل، وعنوان التبرك في الابتداء بها (٥).
ثم اعترض من قبل القائل بأنهاآية للفصل بـ: أنما نقل إلينا هوكتابتها في أوائل السور، ولم ينقل إلينا أنها منها، والخلاف بيننا وبينكم إنَّمَا هو في كونها من نفس السورة التي كتبت في أولها؛ ونحن نقول: إنها من القرآن لكن لايلزم أن تكون من

(١) المجموع ٣/. ٣٣٦
(٢) التشنيف. ٣٠٨ / ١
(٣) منتهى الوصول والأمل ص. ٣٣
(٤) راجع: شرح العضد على المختصر. ٢٠ / ٢
(٥) انظر: منتهى الوصول والأمل ص. ٣٣


الصفحة التالية
Icon