نفس السورة، فإيصالها بالسورة، وقراءتها معها لايوجبان أن تكون منها؛ لأن القرآن كله متصل بعضه ببعض (١).
الدليل الثاني: ما روى عن ابن عباس- م - أنه قال: سرق الشيطان من الناس آية من القرآن لما ترك بعضهم قراءة البسملة في أول السورة، ولم ينكر عليه أحد ذلك القول، فدل على أنها آية من القرآن الكريم، في أول كل سورة (٢).
واعترض عليه ابن الحاجب بمثل ما اعترض به على الدليل الأول؛ وهو: أنه ظني ولايقوى على مقابلة القطعي (٣).
الدليل الثالث: أنّ الاستعاذة مشروعة في أوائل السور وأوساطها عملًا بأمره عزّوجل في قوله تعالى (فَإِذَا قَرَْأتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذ بِاللهِ) النحل/ ٩٨، ولا شك أن جبريل - عليه السلام - كان يبتدئ بها، وكانت تجري على لسانه كثير، وكذا محمد - ﷺ - وفي تركهم إثباتها أوائل السور، وإثبات البسملة، دليل على أنها آية في أول كل سورة.
قلتُ: ويُمكن أن يجاب عنه: بأنه لايلزم من ذلك، أن تكون آية من نفس السورة وإنَّمَا يحتمل أن تكون آية مستقلة بنفسها، فلايلزم هذا الدليل إلاَّ النافي لها مطلقًا.
الدليل الرابع: أن فواصل القرآن الكريم محصورة فيما تماثلت حروفه في المقاطع، وما تقاربت حروفه في المقاطع ولم تتماثل، مثل: (الرَّحْمَنِ لرَّحِيْمِ. مَا لِكِ يَوْمِ الدِينَ) الفاتحة / ٣ و ٤ ورعاية التشابه في الفواصل لازم، ومن عد الفاتحة سبع آيات مع البسملة كالإمام الشافعي قال: (صِرَاطَ الَّذِينَ َأنْعَمْتُ عَلَيْهِم) الفاتحة/ ٧ إلى آخر السورة آية واحدة، فتحقق بهذا العد رعاية الفواصل؛ لأنّ فاصلة (صِرَاطَ الَّذِينَ َأنْعَمْتُ عَلَيْهِم) لاتشابه فاصلة الآيات المتقدمة عليها، بخلاف مذهب من أسقط البسملة من الفاتحة،

(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص. ١٠ / ١
(٢) انظر المستصفى ١٠٤ / ١ ٠
(٣) انظر: البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن ص. ٧٢


الصفحة التالية
Icon