المطلب السادس في سبب الخلاف في المسألة
سبب الخلاف في المسألة هو: الخلاف في اشتراط تواتر ما هو من القرآن، بحسب محله، ووضعه، وترتيبه.
فمن قال: باشتراط ذلك؛ لقضاء العادة بتواتر تفاصيل مثله؛ وهم المالكية، قال: ليست البسملة آية من القرآن الكريم، فيما عدا النمل (١).
ومن لم يشترط ذلك، وجوز الاكتفاء بتواتر مثله، في محل ووضع وترتيب ما، كما تواتر كون البسملة بعض آية في سورة النمل.
أو جوز الاكتفاء بتواتر النقل، كتابة في المصحف، وتلاوة على الألسن، في ذلك المحل، قال: البسملة آية من القرآن الكريم، فيما عدا النمل؛ وهم جمهور أصحاب المذاهب الثلاثة: الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
قال السيوطي: لاخلاف في أنّ كل ما هو من القرآن، يجب أن يكون متواترًا في أصله وأجزائه، وأمَّا في محله ووضعه وترتيبه، فكذلك عند محققي أهل السنة؛ للقطع بأن العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله...
وذهب كثير من الأصوليين، إلى أن التواتر شرط في ثبوت ما هو من القرآن، بحسب أصله، وليس بشرط في محله، ووضعه وترتيبه؛ بل يكثر فيها نقل الآحاد قيل: وهو الذي يقتضيه صنيع الشافعي، في إثبات البسملة من كل سورة...
وقد بنى المالكية وغيرهم ممن قال: بإنكار البسملة قولهم على هذا الأصل، وقروره: بأنها لم تتواتر في أوائل السور، وما لم يتواتر فليس بقرآن (٢).

(١) انظر في سبب الخلاف: المستصفى ١٠٤ / ١، والإحكام ١٦٤ / ١، ومنتهى الوصول والأمل ص٣٣ وشرح العضد ٢٠ / ٢، ورفع الحاجب ٨٧ / ٢، وتشنيف المسامع ٣١٢ / ١، وتقرير الشربيني على جمع الجوامع مع حاشية العطار. ٢٩٦ / ١
(٢) الإتقان في علوم القرآن. ٧٨ / ١


الصفحة التالية
Icon